للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - لقد ترك المجال مفتوحا أمام الحاكم العام لينشئ مدارس مماثلة في مدن أخرى إذا رأى ذلك. وبين ١٨٥٠ - ١٨٧٠ لم تنشئ فرنسا سوى ٣٤ مدرسة عربية - فرنسية (البعض يقول ٣٦) فإذا كانت فرنسا تتعلل في المرحلة الأولى بمقاومة الجزائريين وبالحروب، فإنها في المرحلة الثانية لا تجد ما تتعلل به، سيما وأن عهد الحروب قد خف ودخل عهد التهدئة، كما يسمونه. وإن مقاومة الجزائريين أخذت تضعف بعد تشريدهم وشعورهم بالحاجة إلى التعلم على أثر القضاء على معالمهم الدينية والتعليمية القديمة. وقد وصل عدد هذه المدارس سنة ١٨٦٤ إلى ثماني عشرة مدرسة فقط يتردد عليها حوالي ٧٠٠ تلميذ (١). وقد قلنا إن عدد المدارس قد وصل سنة ١٨٧٠ إلى ٣٤ مدرسة، تلاميذها حوالي ١، ١٥٥ هذا في المناطق المدنية، أما في المناطق العسكرية فقد أنشأ الفرنسيون خمس مدارس فقط (٢). ولنتذكر أن معظم البلاد كانت ما تزال تتبع النظام العسكري.

لكن يجب أن نعرف أن ما يتلقاه التلميذ الجزائري في هذه المدارس لا يعدو أن يكون من نوع غسيل المخ أيضا. فالتلميذ لا يتلقى حصيلة معرفية تؤهله لأي وظيفة في الحياة. فبعد أن يقضي عدة سنوات في هذه المدارس يخرج منها ويرجع إلى داره وإلى الشارع وقد نسي ما قرأه اللهم إلا بعض المقارنات بين العربية والفرنسية، وبين حياة الفرنسيين وأفكارهم (المتقدمة) وحياة الجزائريين وأفكارهم (المتخلفة)، وذلك هو بالضبط ما كان يريده مشرعو المدرسة العربية - الفرنسية. كان المعلمون غير متوفرين باللغتين، ولذلك كانوا يأتون بهم ممن هب ودب، من الجنود ومن لا حرفة لهم. وليس هناك مستوى مطلوب في المعلم أخلاقيا ولا علميا. وقد ظل الحال


(١) ذكرت (المبشر) بتاريخ ٣ يناير ١٨٦٧، أن الحاكم العام قد أصدر قرارا لإنشاء مدرسة عربية - فرنسية في كل من مغنية وسيدي بلعباس. وقبل ذلك أنشئت مدارس مماثلة في بسكرة، ومليانة وايغيل علي، الخ.
(٢) ونلفت النظر هنا إلى أنه خلال المرحلة الثانية (١٨٥٠ - ١٨٧٠) أنشئت أيضا المدارس الثلاث والكوليج الإمبريالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>