للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الخصائص الجغرافية والسياسية والعمرانية للمنطقة. كما كانوا يجتمعون بالأمراء الحفصيين وغيرهم ويشيرون عليهم ويدرسون أحوالهم حتى إذا جاءت الفرصة اغتنموها وغيروا بذلك خريطة المنطقة، كما قلنا. ولم يكن دخول الأخوة بربروس المسرح إلا في مرحلة لاحقة من مراحل الاتصال العثماني بمنطقة المغرب العربي.

ومهما كان الأمر فإن مطلع القرن العاشر قد شهد سقوط دول المغرب العربي القديمة وإماراته الصغيرة المتهالكة وصعود الحكم العثماني مكانها إلا في المغرب الأقصى حيث حل السعديون محل الوطاسيين (الذين كانوا من عائلة المرينيين). فقد أخذ العثمانيون، بعد سورية ومصر، تونس وطرابلس والجزائر، ووصلت حدودهم الغربية إلى وجدة وفقيق، وأحيانا فاس نفسها. ويذهب بعض المؤرخين إلى أنه كان في إمكانهم احتلال المغرب الأقصى أيضا لولا غيرة الولاة العثمانيين في الجزائر وخوف السلطان العثماني من انفصال المنطقة عنه (١). وهكذا انتهى الحكم الحفصي من تونس وشرق الجزائر وطرابلس وانتهى حكم بني زيان من غرب الجزائر، كما سقطت إمارة الثعالبة حول مدينة الجزائر بعد أن وقف ضدها الزيانيون من البر والإسبان من البحر، وفقدت إمارة كوكو وإمارة المقرانيين وإمارة تنس (سويد) استقلالها. وبذلك رسمت خريطة جديدة للمغرب العربي بقيت مع بعض التعديل الطفيف إلى اليوم. فالقطر الجزائري اليوم هو نفسه القطر الجزائري الذي تكون في القرن العاشر، وكذلك الحال بالنسبة لتونس وطرابلس. أما المغرب الأقصى فقد تولته الأسرة السعدية، كما قلنا، ثم الأسرة العلوية، وظل خارج النفوذ السياسي العثماني، رغم تأثره بما كان يجري في المشرق الإسلامي اجتماعيا وثقافيا.

وليس من غرضنا هنا تتع المراحل التي مر بها هذا التحول السياسي في الجزائر (٢) وحسبنا أن نشير إلى أننا سنقتصر في هذا الفصل على تناول


(١) هايدو (ملوك الجزائر) ترجمة ديقرامون.
(٢) درج بعض الكتاب الفرنسيين، وتبعهم الكتاب الجزائريون على تسمية أهم المراحل السياسية بعهد الباشوات إلى حوالي ١٦٥٩ م وعهد الأغوات إلى حوالي ١٦٧٢ م، =

<<  <  ج: ص:  >  >>