للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه كان أحد مهام المرابطين أيضا، أي تعليم الناس قواعد الدين وقواعد اللغة، ومبادئ العلوم.

ونظرا لعلاقة المرابط بالجهاد قديما ولتأثيره بين الناس حديثا اهتم به الفرنسيون اهتماما خاصا، وقد وجد باحثوهم أن النفوذ، في الريف تتقاسمه ثلاث قوى محلية هي المرابطون والأجواد والأشراف، وعرفوا المرابطين، على طريقتهم، بأنهم نبلاء الدين وأن هذا النبل عندهم وراثي، ونظرا لمكانتهم فإن الناس قد أوقفوا على زوايا المرابطين الأوقاف (الأحباس) الكثيرة (١). وقد كان لبعضهم زوايا عظيمة، وأملاك كثيرة، وبعضهم كانت له زوايا صغيرة، وكانوا يعيشون في فقر وبؤس، بتقدم الزمان.

وبعد خمسين سنة من الاحتلال (١٨٨٠) وجد أحد الباحثين أن عدد عائلات المرابطين في الجزائر لا يتجاوز ١١٥ (مائة وخمس عشرة عائلة). منها ٢٠ في إقليم وهران، و ٥٥ في إقليم الجزائر، ٤٠ في إقليم قسنطينة، (دون ذكر الجنوب لأنه كان غير محتل بعد في عدد من أجزائه). ولاحظ هذا الباحث أن لهؤلاء المرابطين نفوذا عظيما يفوق أحيانا نفوذ الأجواد أو الرؤساء الذين يمارسون السلطة الزمنية كموظفين عند فرنسا، ولكن المرابطين لم يكونوا متساوين في السلطة أو في الوضع الاجتماعي أو في الثقافة، فمنهم، كما سبق، من كان صاحب زاوية غنية ورثها عن آبائه وأجداده، وورث معها سمعة دينية يعيش عليها، سمعة كانت لأحد أجداده سواء كان شريفا بالنسب أو جاءته سمعته من التدين والعلم والورع، بينما كان بعضهم مرابطين صغارا لهم زوايا فقيرة، وسمعة محدودة، ويعيشون على الصدقات إلى جانب ضريح قديم فيه رائحة القداسة لأحد الأجداد (٢).

وهناك ميزات لهذه الفئة من المرابطين يجهلها عامة الناس، فقد عرفنا


(١) ألبير ديفوكس، (المؤسسات الدينية في مدينة الجزائر). الجزائر، ١٨٧٨، - المقدمة -، عن الأجواد والأشراف انظر لاحقا، وكذلك بعض الفصول الأخرى.
(٢) رين، مرجع سابق، ص ١٤، وما بعدها،

<<  <  ج: ص:  >  >>