للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأحداث البلاد، لقد طلب منهم الأمير عبد القادر (وهو ابن طريقة كانوا ينتسبون إليها أصلا) أن ينضموا إليه ويساعدوه على العدو المشترك، فاعتذروا إليه بعزلتهم وفقرهم، فقبل عذرهم وقبل أيضا مشاركتهم الرمزية، أو حيادهم، ولعله قبل ذلك منهم مؤقتا فقط، إلى أن يوحد بقية الأعراش والطرق الصوفية، وقد وجدنا أولاد سيدي الشيخ قد عاونوا الفرنسيين، بل هم الذين ألقوا القبض على محمد بن عبد الله (شريف ورقلة) رغم أنه كان مسنودا بالطريقة السنوسية، وهي ترجع إلى نفس الأصول الصوفية التي يرجعون إليها (١). وهناك تلاقى بينهم وبين الطريقة الطيبية في آخر القرن، بل منذ ١٨٨٣، في تمهيد الطريق للفرنسيين في الصحراء، وعندما جاء شريف وزان سنة ١٨٩١، ١٨٩٢، لزيارة زواياه ومقدميه في توات والقورارة، وهي تابعة لهم إداريا، كانوا على رأس الموكب (القوم) الذي استقبله، كما التقى زعيمهم قدور بن حمزة بالحاكم العام، جول كامبون سنة ١٨٩٢، في المنيعة لنفس الغرض، إن هذه المواقف تجعل أولاد سيدي الشيخ أداة في يد السياسة الفرنسية، وتجعلهم يظهرون كأنهم أناس لا (سياسة) لهم ولا برنامج، تمزقهم الخلافات العائلية والأطماع الفردية، وتتحكم فيهم الظروف المفروضة عليهم من الخارج، كما تفعل الآن بالساسة العرب في المشرق والمغرب، لقد كان أولاد سيدي الشيخ يثورون بدون برنامج، ويتراجعون بدودن نتيجة، رغم مكانتهم الكبيرة التي استغلها العدو لصالحه، وثقافتهم الروحية، ووزنهم السياسي والجغرافي.


(١) مدح (دوفيرييه) الخليفة حمزة الذي كان المتولى عندئذ باسم فرنسا على الجنوب الوهراني كله، على تهدئة كل القبائل التابعة للشيخية من حيث الطريقة، من حدود المغرب الأقصى إلى ورقلة والمنيعة، وكان حمزة هو الذي كتب إلى أعيان المنيعة يطلب منهم عدم التعرض لدوفيرييه وحسن معاملته، فلم يؤذوه ولكنهم لم يستضيفوه، فخاف منهم وانسحب، وسي حمزة هو الذي احتل المنيعة باسم فرنسا سنة ١٨٦١، بأمر من الحاكم العام، وابنه بوبكر هو الذي ألقى القبض على محمد بن عبد الله (شريف ورقلة) وسلمه للفرنسيين، انظر دوفيرليه، مرجع سابق، ص ٣١٥،

<<  <  ج: ص:  >  >>