للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى وجهها آثار الجدري وآثار الوشم، وفي آخر حياتها كانت ذابلة، وقد ازدادت نحولا وضعفا، وكانت تحضر مع والدها ولائم الزاوية ومآدب الزوار من مسلمين وأوروبيين، وكانت أثناء توليها شؤون الزاوية تستقبل الزوار من شيوخ الرحمانية والمسؤولين الفرنسيين، وكانت تظهر أمام الأتباع، ومن الذين شاهدوها وتحدثوا إليها من الأوروبيين وسجلوا أنطباعهم عنها: الفنان قيوميه، والمغامرة الأديبة إيزابيل إيبرهارد، والغريب أن هذه المغامرة قد زارتها عدة مرات، وكان الجواسيس الفرنسيون يسجلون حديثهما، وقد توفيتا في وقت واحد: إيزابيل في أكتوبر، وزينب في نوفمبر، عام ١٩٠٤ (١).

ولا شك أن لابن عمها وجهة نظره أيضا في هذه المسألة الخلافية، ويبدو أن الكتاب انتصروا عموما لزينب ورأوا أن السلطات الفرنسية كانت تتدخل فيما لا يعنيها، وربما كان هذا الاتفاق على زينب لأنها امرأة، وقد أصبحت المرأة موضوعا اجتماعيا كبيرا بدعوى أن المجتمع لم يرحمها، وقد اعترف أشيل روبير بأن زينب قد أدارت الزاوية بنجاح، واعترف القضاء الفرنسي، بعد أن خرجت مسألة الخلاف من بوسعادة إلى الجزائر، أن الحق كان مع زينب، ويبدو أن السلطات الفرنسية العليا قررت الانتظار وترك المسألة للزمن تفاديا لتشعب الخلاف، ولعل هذه السلطات كانت تعرف أن زينب لن تعيش طويلا، وهكذا اختفت من المسرح بالموت وحل ابن عمها محلها تلقائيا، وتفادت الزاوية الانقسام الذي عانت منه زوايا أخرى (٢). ونحن لا ندري كيف صارت حالة الزاوية بعد وفاة الشيخ الكبير (محمد بن بلقاسم). ولكن يبدو أنها مرت بمرحلة انتقالية، ونلاحظ أنه حلافا لبعض الزوايا لم تنقسم زاوية الهامل على نفسها وتتفرع إلى زوايا


(١) حول تفاصيل هذا الموضوع انظر كلنسي - سميث (ثائر وقديس). فصل - الشيخ وابنته - ص ٢١٤ - ٢٥٣.
(٢) لم يطل عهد ابن عمها أيضا، ففي سنة ١٩١٤ كان على رأس الزاوية ابنه المختار، عن موقف الطرق من فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى، انظر لاحقا،

<<  <  ج: ص:  >  >>