للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والغناء للجزائر وإقامته بعض الحفلات بها، ويقال إنه نجح في ذلك نجاحا خاصا (١). ومع ذلك لا نجد من تحدث عن محاولات جزائرية في هذا الصدد قبل ١٩١٤. ونحن نعتقد أن المحاولات قد وقعت، ولكن التاريخ لها أو الجهل بها هو الذي جعلنا نقلد رأي القائلين إن المسرح لم يبدأ إلا بعد ١٩١٩. ماذا كانت تفعل الجمعيات والنوادي التي ظهرت خلال العشرية الأولى من هذا القرن إذا لم تقدم بعض المسرحيات؟ حقيقة أنها كانت تقدم دروسا ومحاضرات وتوجيهات من كل نوع. ولكن المسرح قد يكون أحد مبتكراتها أيضا. ولنرجع إلى جرائد الأخبار والمغرب وكوكب افريقية فإننا قد نعثر على شيء من ذلك.

المسرح التقليدي الذي عرفه الجزائريون هو مسرح الكركوز، كما سبق. وقد يسميه البعض المسرح الصيني أو خيال الظل. وكانت له أساليبه في تقديم الموضوعات إلى الجمهور. ويبدو أنه تخشن ليتأقلم مع الجو الجديد بعد الاحتلال. فقد هاجرت العائلات الغنية وجلا الفنانون عن العاصمة، وكذلك جلا عنها حماة الأخلاق والآداب العامة. وبذلك يكون قد نزل مستواه الأدبي والأخلاقي، وأصبح وسيلة للتكسب من السواح والجنود الفرنسيين. وقد وصف بأنه مسرح ساخر ومثير للخجل حتى أن الوقحاء أنفسهم لا يشاهدونه دون أن تحمر وجوههم، حسب تعبير أحد الكتاب (٢). وكان نشاط هذا المسرح أكثر ما يكون في شهر رمضان حين تمتد السهرات وتسمح القواعد الاجتماعية بطول المكث خارج البيوت. وبدل أن يصلحه الفرنسيون (إذا صح ما ادعوه) حكموا بإلغائه تماما حوالي سنة ١٨٤١. وسلطوا العقاب الصارم على من يمارسه. ولعلهم رأوا فيه وسيلة للدعاية السياسية ضدهم أو كان منافسا خطيرا لمسرحهم. ولا سيما أن بعض الكتاب قالوا إن شخصية الكركوز (قرقوش) كانت تمثل شخصية البطل الشعبي عند الحضر، وكان يتميز بارتفاع قامته، فهو من العمالقة، وكذلك كان يتميز


(١) انظر جريدة (كوكب افريقية)، سنة ١٩٠٩، العدد؟.
(٢) أوولف جوان (رحلة في أفريقية)، بروكسيل، ١٨٥٠، ص ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>