للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مليانة وهو بعيد عنها، ولما سمع بذلك توجه إليها بسرعة فقطع خمسة عشر كلم في ظرف قياسي.

وكانت أخته لاله خديجة ملازمة لأمها لا تفارقها. وكان الأمير يكتب إلى أمه بيده، أما إلى غيرها فكان يترك لكتابه يكتبون بدله. ولاله زهرة يقول عنها الفرنسيون إنها المرأة المعظمة التي بعثتها العناية الإلهية لتساعد على إرساء قواعد الجنسية العربية. وكانت امرأة من أهل الريف، وهي الوحيدة التي لبست الجوارب والقفازات الصوفية البيضاء التي أرسلها إليها الطبيب الفرنسي في معسكر أثناء الهدنة (١٨٣٧ - ١٨٣٨). فقد أرسلت تطلب علاجا من البرد الذي أصابها. وحين وصلتها الجوراب والقفازات من الطبيب لبستها بدون تحفظ، وليس غيرها كان يستطيع أن يفعل ذلك بين نساء الريف المرتبطات بالتقاليد والمحافظات، في نظر الفرنسيين.

كان الأمير قد تزوج من ابنة عمه المذكورة قبل مبايعته بالسلطنة. ومنذ المبايعة أعلن لزوجته أنه سينشغل عنها ببلاده، ومصالح شعبه (١). وكانت تربطه بها علاقات عائلية قوية، فلم يطلقها. وكانت تمر أسابيع وشهور دون أن يراها. وكان له منها ولد يسمى محي الدين، توفي سنة ١٨٣٧. ثم وقع ما أبعدها عنه بعض الوقت. ذلك أن كلوزيل قد هاجم مدينة معسكر في آخر ١٨٣٥ فخرج منها أهلها، وكان الأمير غائبا. وقد أحرق كلوزيل المدينة. وتفرق عن الأمير أقرب الناس إليه، بمن فيهم زوجته وعمه بو طالب. وكان أبناء عمه المذكور معارضين له ولا سيما سمية عبد القادر بوطالب الذي كان ينتمى إلى الطريقة الدرقاوية. وقد غاب الأمير فى حصار عين ماضي حوالى عشرة أشهر (٢).

وعندما حلت عائلة الأمير في سجن (بو) بفرنسا، سنة ١٨٥٠، زارته عائلات أوروبية وتحدثوا إلى زوجته وأمه. وشاهدوا أطفاله وحياته


(١) انظر ما ذكره تشرشل عن الموضوع، وأيضا. انظر بيليسييه دي رينو (الحوليات).
(٢) (مجلة الشرق)، باريس ١٨٤٦، ص ٣٤٥ - ٣٤٦، والمقال موقع بحرف (X) فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>