للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الامبراطور على إطلاق سراحه، لعل ذلك يؤثر في ثوار أولاد سيدي الشيخ فيلقون السلاح. كما أن نابليون نفسه قد زار الجزائر زيارة ثانية في نفس السنة (١٨٦٥) وأصدر بعدها مرسومه المشيخي الشهير (مرسوم التجنس المفتوح للراغبين الجزائريين بشرط التخلي عن الأحوال الشخصية الإسلامية). ولا ندري ما تعاليق الأمير عندئذ على الأوضاع في الجزائر، ومن الأكيد أن الشخصيات التي جاءته من النواحي الغربية قد حدثته عن الثورة الجارية هناك ومعارضة الأعيان لتمليك الأراضي للأفراد بدل القبائل والأعراش. وكان الجواسيس الفرنسيون يحصون على الأمير أنفاسه ويفسرون كل كلمة تخرج من فمه بعدة وجوه (١).

ومهما كان الأمر فإن الأمير قد زار خلال ذلك (١٨٦٥) المعرض العالمي، كما زار نفس المعرض سنة ١٨٦٧ إلى جانب الملوك والشخصيات الكبيرة. ومن الذين حضروا هذا المعرض الاسكندر الثاني قيصر روسيا، والخديوي إسماعيل باشا مصر. فهل التقى الأمير والخديوي هذه المرة وصفيا الجو بينهما؟ يبدو ذلك. فقد رجع الأمير إلى مصر لحضور افتتاح قناة السويس سنة ١٨٦٩. وهو الافتتاح الذي حضرته أياد شخصيات عالمية، بينها (يوجيني) زوجة الامبراطور الفرنسي التي قيل انها كانت شديدة الإعجاب بالأمير. ولا ندري الآن كم أقام الأمير في مصر هذه المرة، ولكن (الوحشة) أو الجفاء قد زال بينه وبين الخديوي إسماعيل. وهذه الزيارة لم تسلم أيضا. من استغلال الفرنسيين لها. فقد كانت الجزائر تجتاز ببطء أزمة


(١) من التواريخ الهامة في هذه الفترة: ١٨٦٠ تدخل الأمير في حوادث الشام، وزيارة نابليون للجزائر، ١٨٦٣ توجه الأمير إلى الحجاز لأداء الحج، وصدور قانون الأرض في الجزائر، وهو القانون الذي أدى إلى نزع الأرض من الأعراش والقبائل، وصدور رسالة نابليون إلى حاكم الجزائر قائلا فيها إنه سلطان العرب والفرنسيين، ١٨٦٤ ثورة أولاد سيدي الشيخ وعودة الأمير من الحج؛ ١٨٦٥ زيارة الأمير لمصر ثم فرنسا، ونشر رسالته في الجزائر، ثم زيارة نابليون الثانية للجزائر وصدور قانون التجنس، الخ. ويذهب كريستلو إلى أن الأمير لم يكن غريبا عن ثورة أولاد سيدي الشيخ وأنه ربما خطط لها أثناء مجاورته في الحرم الشريف، ١٨٦٣ - ١٨٦٤، مع الحجاج الجزائريين.

<<  <  ج: ص:  >  >>