للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحيطان منخفضة القباب والعرصات قليلة النوافذ. وإذا كان للزاوية مسجد فهو في الغالب بدون مئذنة. فالزاوية من الناحية الهندسية غير جميلة، بالإضافة إلى أنها كثيرة الرطوبة والعتمة. وشكل الزاوية يوحي بالعزلة والتقشف والهدوء أكثر مما يوحي بالاختلاط والثراء والحركة. غير أن بعض الزوايا المعدة أصلا لسكنى الطلبة ونحوهم كانت واسعة وصحية.

وقد كان للزاوية أوقافها أيضا مثل المسجد. وفي عصر ساد فيه الجهل والخرافة كان الناس يميلون بأوقافهم وأفعالهم الخيرية إلى الزاوية أكثر من ميلهم إلى المسجد والمدرسة. فقد كانت بعض الزوايا غنية مثل زاوية المجاجي التي سبقت الإشارة إليها، وزاوية القيطنة. فكلتاهما كانت تطعم الأعداد الكبيرة من الزائرين وتؤويهم وتعلمهم. وكان الواقفون والمتصدقون على الزوايا من عامة الناس يعتقدون أن جزاءهم يأتي بسرعة وأن ذنوبهم تغتفر في الحال إذ يكفي أن يرضى عنهم الشيخ ويمنحهم بركاته. ومن الزوايا كثيرة الوقف زاوية الولي داده، وزاوية أحمد بن عبد الله الجزائري وزاوية سعيد قدورة التابعة للجامع الكبير، وكذلك الزاوية الطيبية بتلمسان.

وكانت بعض الزوايا متخصصة في استقبال نوع معين من الضيوف بنصوص أوقافها. فزاوية مولاي حسن بالعاصمة كانت عبارة عن دار سكنى للعزاب. وكانت زاوية سيدي أبي عتيقة تستقبل الفقراء والمرضى والعجزة. وكانت زاوية سعيد قدورة مخصصة لاستقبال فقراء العلماء. وأما زاوية شيخ البلاد فلا يسكنها إلا الطلبة العثمانيون. كما أن زاوية القاضي المالكي التي أسسها مصطفى بن مصطفى (آغا الصبايحية) مخصصة لسكنى المالكية، وهكذا. ومن جهة أخرى كانت بعض الزوايا مقصودة أكثر من غيرها لغرض فيها. فقد كانت النسوة تكثر في زاوية سيدي عبد القادر، كما كانت العامة يكثرون في زاوية علي الزواوي لاعتقادهم بأن ماءها يبرئ من العقم ويحفظ الأولاد ويذهب الحمى. وهذه الاعتقادات في الواقع ليست خاصة بزوايا العواصم، بل كانت منتشرة أيضا في زوايا الريف، ولا سيما عند قبور الأولياء

<<  <  ج: ص:  >  >>