للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهده في الجزائر فكتب بوجولا يصف عهد بوجو وانتصار الكنيسة، وقد طعن في الاسلام والمسلمين حتى فاض كاسه (١).

وفي سنة ١٨٤٥ قام الأسقف دوبوش بتدشين كنيسة بتلمسان، بعد استيلاء الفرنسيين عليها. وقد حضر معه الأب بارجيس الذي جاء خصيصا من باريس والذي نوه بجهود الأسقف لإعادته الكنيسة الافريقية بعد ستة قرون من انقطاع حلقتها على يد المسلمين، كما قال. والأب بارجيس لا يتورع في هذه المناسبة عن أن يسمى أرض الاسلام في تلمسان (الأرض الكافرة)، ويسمى الرسول (صلى الله عليه وسلم) (بالنبي المزيف). ففي ابريل ١٨٤٥ افتتح الأسقف دوبوش تلك الكنيسة الكاثوليكية (وأصلها جامع) في حديقة المشور، وعين عليها أحد القساوسة (٢).

ولكن بعد بضعة أسابيع حدثت ثورة عارمة في منطقة الظهرة كلها، وشملت تلمسان .. فهرب القس الذي كان هناك. كانت الثورة قد اشتركت فيها مختلف الطرق الصوفية، واشتهر خلالها محمد بن عبد الله المدعو بومعزة. ورجع الأمير عبد القادر الذي كان قدالتجأ إلى المغرب الأقصى وركب موجة الثورة، وضرب العدو ضربة قوية في سيدي بلعباس، ثم حدثت معركة سيدي إبراهيم الشهيرة. وفسد مشروع الكنيسة في تلمسان، مؤقتا على الأقل. ومن جهة أخرى وجد القس سوشيه في قسنطينة مقاومة شديدة لمشروعه.

إن هدم المساجد أو تحويلها عن غرضها ومصادرة الأوقاف الدينية وغير ذلك من الاجراءات التي تسيء إلى الاسلام والمسلمين، كانت تجري بالتراضي بين رجال الدنيا والدين الفرنسيين، رغم ما قيل من أن العسكريين والمدنيين كانوا غير متدينين. ومنذ وصل دوبوش وهو يعمل على دعم الكنيسة وافتكاك المبادرة واستعادة دورها الذي كان لها في نظره منذ أيام الرومان. وقد ذكرنا أنه كان يفاوض الأمير على إطلاق سراح الأسرى فوق


(١) في كتابه الذي سماه (دراسات افريقية) وهو في أجزاء. وافريقية هنا تعني الجزائر.
(٢) عن جامع المشور انظر فصل المعالم الاسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>