للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسحقت المحاولات التنصيرية، وخيبت أحلام لافيجري.

وفي زواوة أيضا جرت أحداث أخرى ضد التنصير. منها الهيجان الذي وقع سنة ١٨٦٨ في بني منقلات ضد نشاط الجزويت. وفي ١٨٧٠ جرى اختطاف بنتين من بني بادين من قبل هؤلاء الجزويت. وقد ثار الناس ضد هذه العملية المخزية. فقد أخبر العقيد هانوتو أن الاختطاف قد وقع على يد أخوات المذهب المسيحي، وأن البنتين حملتا، رغم معارضة عائلتيهما، إلى مركز الأيتام بالعاصمة. ولدهشة الجميع سمع المسلمون، وهم يعضون أناملهم من الغيظ، إن البنتين قد احتفل بتعميدهما في رومة في نفس السنة (١). وهذه الحادثة تذكرنا بما وقع للمرأة عائشة بنت محمد سنة ١٨٣٤ إذ هربها رجال الدين والعقيد دي رونو أيضا إلى مرسيليا، بعد تعميدها، رغم احتجاج عائلتها وزوجها والقضاة المسلمين. وكانت السلطات الفرنسية على ما يبدو متورطة في كلتا الحالتين.

اغتنم لافيجري فرصة المجاعة القاتلة التي حلت بالجزائر في الستينات وأطلق العنان لليسوعيين لنشر النصرانية بين الأطفال. فقد أخذ يجمع الأيتام الذين تركهم أولياؤهم، في ملاجئ بسانت أوجين والأبيار وابن عكنون. وكتب رسائل إلى أوروبا لتقرأ في الكنائس (فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، بريطانيا، الخ). فأرسل إليه البابا حوالي (٥٠٠٠) فرنك. وجمع قساوسة لافيجري المال أيضا عندما جابوا المدن الجزائرية. وأنشأ لجانا لجمع التبرعات والتصرف فيها. وقيل إن هذه اللجان قد صرفت مبلغ ٣٠٠ ألف فرنك. وقد ضم ملجأ ابن عكنون وحده ١٧٥٣ طفلا بين الثامنة والعاشرة من السنين. وكان يسهر عليهم حوالي خمسين شخصا. وأرسل إليه الجيش بعض الجنود ليساعدوه في التنظيف، وأرسلوا إليه أيضا الخيام والأغطية. ولكن


(١) نفس المصدر ص ٨٤. يقول ايمريت إن زواوة لم تكن متأثرة بالمجاعة سنة ١٨٦٧ - ١٨٦٨، ولذلك فإنه يرى أن من أسباب الثورة ١٨٧١ تلك المحاولات التنصيرية الفاشلة والتي أدت إلى التهاب المشاعر الدينية. وهو يضيف أن الإسلام بالعكس قد تقدم خطوات أخرى إلى الأمام في زواوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>