للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كانت السلطات الفرنسية تتغاضى عن أعمال الجزويت في الجزائر حتى بعد منعهم من العمل بفرنسا. فقد رأينا نشاطهم خلال المجاعة أي أثناء عهد الامبراطورية. وبعد سقوط هذه وظهور الفكر الليبرالي ومضادة الكليرجية في فرنسا خلال الثمانينات وما بعدها، بقي للجزويت مدارسهم ونشاطهم، كما لاحظنا. وكانوا أولا تحت حماية الكاردينال لافيجري ثم خلفائه: دوسير، وأوري، وكومبس، ويقول السيد قوانار: إن هؤلاء شهدوا الموجة التي أدت إلى غلق مدارسهم وحلقات دروسهم وبيع أراضيهم في عنابة وقسنطينة وبسكرة منذ ١٩٠٣. (بعد فصل الدين عن الدولة). ولكن منذ ١٩١٧ استرجعت الكنيسة الكاثوليكية أنفاسها وسطوتها على يد الأسقف بيكمال، وبعده بولون ثم لينو (أي من ١٩١٧ إلى ١٨٥٣) (١).

وقد علق الشيخ محمد بيرم الخامس على موقف الحكومة الفرنسية من الجزويت فقال إنهم كانوا طليقي الأيدي أيام المجاعة فجمعوا الأطفال العرب ونصروهم، وحين كبروا فر بعضهم إلى ذويهم. ولما منعت الدولة الجزويت من التعليم في فرنسا سنة ١٨٨١ عممت ذلك في الجزائر، ونفتهم من كل ممالكها (مستعمراتها؟)، غير أنها سمحت لهم بالعمل في الممالك الاسلامية، وكانت تحميهم ضد أي اعتداء في هذه الممالك مع أنها لا تحميهم في فرنسا ولا في الممالك الأوروية (٢). ويفهم من هذا أن الجزائر ليست من المناطق التي تحمي فيها فرنسا الجزويت، وهو غير صحيح، لأن السلطات الفرنسية ظلت تحمي الجزويت إلى بداية هذا القرن، ثم منذ ١٩١٧. ومن هذه الناحية كانت الجزائر تعتبر (مملكة إسلامية) على الأقل بالنسبة للتعامل مع الجزويت.

مات لافيجري بالجزائر في ٢٦ نوفمبر ١٨٩٢ عن ٦٧ سنة. وحضر جنازته الحاكم العام جول كامبون الذي أشاد بخصاله ودوره. وقد نعته


(١) قوانار (الجزائر)، مرجع سابق، ص ٣٠٥.
(٢) محمد بيرم (صفوة الاعتبار)، مرجع سابق، ٤/ ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>