للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من موضع في وهران لدراسة العلم سوى المساجد (١).

والمدرسة المحمدية التي أشار إليها أبو راس هي التي أسسها الباي محمد الكبير فاتح وهران والتي تحمل اسمه. ورغم اهتمام الباي بالجامع الأعظم الذي بناه في معسكر فإنه قد أسس المدرسة إلى جانبه لأن فكرة المدرسة المستقلة عن الجامع لم تكن تدور في خلد هذا الباي. فبناؤها على النحو المذكور إذن كان يتماشى مع تقاليد العهد المدروس، بل مع تقاليد التعليم الإسلامي عموما. ويبدو أن المدرسة كانت في درجة ثانية بالنسبة للجامع. فالأوقاف تنص على نفقة المدرسين في الجامع وليس في المدرسة. ورغم قول مادح الباي ومؤلف سيرته ابن سحنون بأن المدرسة (كاد العلم أن ينفجر من جوانبها) (٢) فإن الزمن لم يرحمهما. فقد انتقلت العاصمة من معسكر إلى وهران، ومع انتقال السلطة انتقل المدرسون والاهتمام بالمدرسة أيضا. وتوفي الباي محمد الكبير أيضا بعد ذلك بقليل. لذلك لم نعرف أن المدرسة المحمدية قد أخرجت جيلا من العلماء أو حتى بعض المشاهير منهم. ويذكر الشيخ البوعبدلي أن الباي قد عين لها مدرسين هم: محمد بوجلال (أو الجلالي) والطاهر بن حوا، ومحمد المصطفى بن زرفة الدحاوي (٣).

والمدرسة القشاشية التي أشار إليها أبو راس منسوبة إلى جامع القشاش الذي قلنا إن الباحثين يرجحون أنه يعود إلى العهد السابق للعثمانيين، ولكننا لا ندري ما إذا كانت المدرسة نفسها قد أنشئت مع الجامع أو أن إنشاءها يعود إلى العهد العثماني. فنحن لا نملك عنها، لسوء الحظ، سوى معلومات ضئيلة رغم أهميتها في نشر التعليم، ولا سيما ذلك الذي نصفه بالتعليم


(١) أبو راس (عجائب الأسفار) مخطوط. ورقة ٧٨.
(٢) ابن سحنون (الثغر الجماني)، مخطوط ورقة ١٠.
(٣) البوعبدلي مقدمة (الثغر الجماني)، ٦١. وكذلك أحمد توفيق المدني (محمد عثمان باشا)، ٥٩. وبوجلال وابن حوا وابن زرفة كلهم اشتركوا في (جيش الطلبة) الذي كونه الباي لفتح وهران. وكان رئيس الطلبة هو الشيخ بوجلال. وكان ابن زرفة من كتاب الباي وقضاته أيضا. وسنتعرض لآثاره في الجزء الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>