للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جريدة أو كتاب، وإنما طبقه على ابنه عبد الحق. فقد أدخله المدرسة السلطانية حيث بقي ثلاث سنوات ونيفا ثم أخرج منها لكبر سنه. ومع ذلك فقد حصل منها على ما يجعله مرتبطا بالفرنسيين. ويخبرنا حسن بن بريهمات أن الشيخ حمو كان يدعو الجزائريين إلى تقليد الفرنسيين في علومهم، وينعى على المغالين (المتعصبين) ضدهم (١).

أما حسن بن بريهمات فكان يعرف الفرنسية. وقد تولى إدارة المدرسة الشرعية، فإذا دعا إلى تعلم اللغة والعلوم الفرنسية فلا يعتبر ذلك منه خروجا عن المنطق. فمنذ أوائل الستينات، وهو يدعو تلاميذه إلى الأخذ من الفرنسيين علومهم ولغتهم. وكان ينوه بما وصل إليه العرب والمسلمون في الماضي من مجد علمي باذخ (كانوا يهاجرون في طلب العلم من بخاري ومصر وفارس والأندلس حتى حصلوا من العلوم ما به فازوا على أقرانهم). وكان ابن بريهمات ينوه في كل مناسبة بنابليون الثالث، وبالدكتور بيرون مدير المدرسة السلطانية (الكوليج) بالجزائر، على تشجيع التعليم للجزائريين. وطبق حسن بن بريهمات ذلك على نفسه حين أرسل أولاده الثلاثة إلى المدارس الفرنسية أو المزدوجة (٢).

...

انتهى عقد الستينات إذن بدعوة المتعلمين من الجيل الأول في العهد الفرنسي إلى الأخذ بلوم الفرنسيين وتعلم لغتهم وإلى تقليدهم في الحياة العامة والانتخابات وما إلى ذلك. وكان هذا الجيل مع ذلك ما يزال محصنا إلى حد كبير لصلته بآبائه ومحيطه، ولثقافته التراثية القوية، رغم تأثره بآثار ودعاية الاحتلال. كما أن المحيط الفرنسي كان مشجعا على إعلان ذلك


(١) انظر كلمة التأبين الطويلة التي ألقاها حسن بن بريهمات إثر وفاة الشيخ حمو في المبشر، ٣١ ديسمبر ١٨٦٨.
(٢) المبشر ١٢ يوليو، ١٨٦١. عن حياة حسن بن بريهمات وأولاده انظر فصل السلك الديني والقضائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>