للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الديني عند الجزائريين. وهو هنا يعمم ولا يخصص، ولكن حديثه يفهم منه أنه كان يقصد المستغربين أمثاله ودعاة الاندماج الذين لم يعد يهمهم أمر المشرق، إنهم أصبحوا يتوجهون إلى فرنسا. والغريب أنه لم يذكر، وهو عليم بذلك، محاولات السلطات الفرنسية منع الحج على الجزائريين متعللة لذلك بشتى العلل (١).

لا نعرف إن كان إسماعيل حامد من المتجنسين وما إذا كان متزوجا من فرنسية كغيره من المستغربين عندئذ. ولكن دعوته إلى الاندماج الحضاري كانت واضحة، فرغم اطلاعه على أحوال العالم الإسلامي، وهو استثناء لأن معظم المستغربين كانوا منقطعين فكريا عن العالم العربي والإسلامي، بل حتى عن مواطنيهم في الجزائر، قلنا رغم ذلك، فقد كان يدعو إلى تذويب المجتمع الجزائري في الحضارة الفرنسية. ولعل ذلك هو ما جعل باحثا مستشرقا أمريكيا، وهو لوثروب، يعتبره من (المصلحين) المسلمين في الجزائر. وقد نسب إليه المقولة التالية: (لا تقاس حضارة أمة بما في كتبها الدينية من السطور والعبارات، بل بما تقوم به تلك الأمة من الأعمال) (٢) وهو قول في غاية الحكمة والمنطق. وأضاف إليه مقولة أخرى وهي: (كان للاتجاه الغربي مبلغ كبير من التأثير في جمهور ليس بالقليل من مسلمي الجزائر الذي وإن كانوا ما برحوا مسلمين في الظاهر، فهم يجهلون حد ما وصلت إليه روحهم الدينية من التلاشي) (٣).

لفت إسماعيل حامد إليه الأنظار منذ صدور كتابه (مسلمو شمال أفريقية)، لأنه دعا فيه إلى أن تلعب (النخبة) دورا رئيسيا في الحياة السياسية، وأبرز التطورات التي حدثت في الجزائر أثناء الاحتلال الفرنسي، ومنها تخلي الجزائريين تدريجيا عن تقاليدهم وأفكارهم القديمة كالتعصب الديني، في نظره، وتطلعهم إلى التعلم وتقليد الفرنسيين، وابتعادهم عن الشرق والحياة


(١) عن ذلك انظر فصل السلك الديني والقضائي.
(٢) الأمير شكيب ارسلان (حاضر العالم الإسلامي) ١/ ٢٦٩.
(٣) نفس المصدر ١/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>