للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرهم] واللفيف الأجنبي الذي تأسس أيضا في عهد الاحتلال المبكر، (حوالي ١٨٣٤) وكان مقره الرسمي في الجزائر طيلة قرن وزيادة، ثم الرماة والقناصة والخيالة، وغير هؤلاء. وكان الجيش الفرنسي متسلحا بأسلحة متطورة ومتفوقة: أين منها بنادق الجزائريين وسهامهم وسيوفهم! كما كان الجيش الفرنسي حديث عهد بالحروب في القارة الأوروبية وله دربة على فنون الحرب العادية والاستثنائية.

ورغم أن هناك إدارة جزائرية ذات تقاليد قديمة وسجلات بالوثائق والمراسلات والسلالم الرسمية، فإن الفرنسيين لم يثقوا فيها وفككوها ونفوا بعض من كان فيها وعزلوا الآخرين. ثم ارتجلوا إدارة من عندهم قامت على ولاء بعض الجزائريين المدنيين الذين لا خبرة لهم (لأنهم كانوا خارج السلطة) ورئاسة إطارات فرنسية لا تعرف شيئا عن قوانين وتقاليد البلاد. وبدأ التخبط والتناقض في التسيير. وأنشئ على إثر ذلك الجهاز العسكري المعروف (بالمكتب العربي) الذي أخذ بالتدرج يدير المدن والمناطق المحتلة كبلديات عسكرية مزدوجة (فرنسية - جزائرية). ثم أنشئ لهذه المكاتب العربية المتفرقة مكتب مركزي في العاصمة تابعا لجهاز الحاكم العام. وفي الأربعينات تبني (بوجو) النظام الإداري الذي وضعه الأمير عبد القادر لدولته، سواء في توزيع المسؤوليات من الشيخ إلى الخليفة (أي من العرش إلى الإقليم) أو في إجراء الأحكام القضائية (١). فكل منطقة تغلب عليها الفرنسيون كانوا يعينون عليها حاكما جزائريا (أهليا) يحكم باسمهم ثم يحكمون هم من ورائه، ويدعمونه بالبرنس والتنصيب الرسمي والمال وبعض العسكر الخ. وكان بعض هؤلاء الحكام الجزائريين قد قبلوا الوظائف الفرنسية طمعا في الجاه، وبعضهم لم يقبلوها إلا بعد فشل المقاومة أو تحت الضغط، وقد حكم بهم الفرنسيون فترة - ما داموا في حاجة إليهم - ثم لفظوهم بالتدرج ابتداء من الستينات (عهد المملكة العربية)، فلم تأت


(١) مجلة الشرق، ١٨٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>