للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرنسي. ومن ثمة كان صوتهم غائبا، بينما كان للكولون ممثلون منتخبون في كل المجالس المذكورة وكذلك في البلديات. ولكنه نصح بلاده باتباع سياسة ميكيافيللية في الجزائر إزاء (الصفوف) أو (الأحزاب) المتنازعة كالطرق الصوفية والزعامات الأهلية والأعراش وغيرها، لأن ذلك من حنكة السياسة التي على الدول أن تتبعها للمحافظة على رايتها وسيادتها (١)، وفي نفس الوقت نصح باتباع سياسة (الإحسان) نحو الأهالي، ولخص معنى الاحسان فيما يلي: تعليمهم الفلاحة وحفر الآبار لاستخراج المياه الجوفية لهم (لاحظ أن فوائد المياه ستعود بالضرورة على الفرنسيين أيضا)، وتعليمهم اللغة الفرنسية التي كان يجب أن تفرض عليهم فرضا منذ لحظة الاحتلال الأولى، كما فعل الألمان في الألزاس، حسب تعبيره، وتطبيق مبدإ فتح المدارس وإجبارية التعليم عليهم في البلديات الكاملة (ذات الأغلبية الفرنسية)، واتباع (العدل الفرنسي) نحوهم لأن العربي يحب العدل والماء، كما قال، وفتح مجال الخدمة العسكري أمامهم لأن ذلك سيجعلهم يحتكون بالمجتمع الفرنسي وحضارته وسيساعد أيضا على تسريب الأفكار الفرنسية والتأثير المعنوي فيهم، ثم إن منحهم حق انتخاب ممثلين عنهم يدخل في تقاليد المجتمع السياسي الفرنسي (٢).

ويمكننا أن نلخص أفكار لويس فينيون في الموضوع فنجدها لا تخرج عن حث بلاده على تطبيق مبدإ الاندماج على الجزائريين والإسراع في ذلك لأنه قد تأخر خمسين سنة عن موعده. وكل هذه (الوصايا) لا حرج عن مشروع الاندماج الذي كان يدعو إليه أمثاله من دعاة المهمة الحضارية الفرنسية، والذي كان يعارضه الكولون وبعض العسكريين ورجال الكنيسة لأسباب مختلفة.

وكان الحاكم العام شارل جونار قد أعلن سنة ١٩٠٨، أن سياسته في


(١) انظر ذلك في فصل الطرق الصوفية أيضا.
(٢) فينيون، مرجع سابق، ص ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>