للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسماعيل من أصحاب الثروة فإن ابن حمادوش كان، بدون شك، من فقراء العلماء. ومع ذلك قد بذل ماله لشراء الكتب من المغرب الأقصى، ونسخها بنفسه بعد أن استعارها من أصحابها، ولعله فعل نفس الشيء في رحلاته إلى المشرق أيضا. ونحن نجد أخبارا عن الكتاب وحركته وأخلاق العلماء حوله في كتاب الفكون (منشور الهداية). وقد جاء في وثائق الجامع الكبير بالعاصمة أن المفتي سعيد قدورة (الذي كان أيضا وكيلا لأوقاف الجامع) قد اشترى لمكتبة الجامع كتبا كثيرة من فائض الأوقاف (١). والظاهر أن ذلك كان من الأسواق المحلية. وذكر البطيوي صاحب (مطلب الفوز والفلاح) أن شيخه ابن مريم صاحب (البستان) قد مات على أكثر من ستمائة (٦٠٠) كتاب.

غير أن شراء الكتب لم يكن دائما للاستفادة منها علميا. فقد كانت بعض العائلات تفاخر بها مثيلاتها أحيانا، وكان أشباه العلماء يقتنونها للمباهاة والتشبه بأهل العلم. كما أن بعضهم كان يقتني الكتب للبركة والتعبد، ولا نعرف من تاريخ الجزائر الطويل أيام العثمانيين أن ولاتها كانوا يشترون الكتب أو يستنسخونها لإقامة مكتبات خاصة بهم (باستثناء الباي محمد الكبير) كما كان يفعل أمراء المسلمين في الماضي. ونحن لا نستغرب ذلك من ولاة لا يعرفون لغة البلاد ولا يتذوقون أدبها وفنها، بل كانوا في أغلبهم جهلة لا يعرفون حتى القراءة والكتابة. وكانت العناية بالكتب والتباهي والتقليد في اقتنائها قد شملت أيضا بعض القادة العرب من أهل الريف مثل ابن الصخري، شيخ العرب وقائد الذواودة والحنانشة. فقد ورد في أخبار هذا القائد أن أحدهم قد نسخ كتابا سنة ١٠١٩ (للخزانة العلمية، خزانة أميرنا ومولانا أبو (كذا) عبد الله محمد الصخري) (٢) وتذكر بعض المصادر أيضا أن


(١) نور الدين عبد القادر (صفحات من تاريخ مدينة الجزائر)، الجزائر ١٩٦٤، ٢٧٩. نقلا عن ابن المفتي.
(٢) البوعبدلي، مقدمة (الثغر الجماني)، ٥٨. ومحمد بن الصخري هذا هو أخ أحمد بن الصخري زعيم الثورة التي تحدثنا عنها والتي جرت سنة ١٠٤٧. انظر الفصل الثاني من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>