للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استمرت هذه النظرية سارية إلى العشرينات من هذا القرن. فقد رجع السيد ريمون بيروني، وهو من الضباط مثل لويس رين، إلى نظرية فورنيل وأرنست ميرسييه وفيكتور بيقي وغيرهم، حول البربر وموقفهم من الحضارة الرومانية والعربية والفرنسية. وقال بيروني إن الفرنسيين قد ظلوا على خطئهم في معاملة السكان بطريقة واحدة إلى مدار هذا القرن، وكان عليهم أن يميزوا بين السكان ويستفيدوا من الفروق. وقد أصبحت الإدارة الفرنسية تشعر بهذه الفروق منذ حوالي ١٨٩٠ وأخذت توظفها سياسيا. وعندما احتل الفرنسيون المغرب الأقصى ظهرت المسألة البربرية بشكل أكثر وضوحا، وأعطى الفرنسيون دفعا جديدا للدراسات البربرية، وتحول الفرنسيون أيضا في تونس والجزائر وغيرهما وأخذوا يبرزون الفروق بين عناصر السكان. ولكن المسألة لم تكن مفهومة عند الرأي العام الفرنسي في فرنسا نفسها حتى نشر فيكتور بيكي كتابه عن (حضارة شمال إفريقيا) الذي قال فيه إننا كنا دائما نسمي المنطقة عربية بينما هي مسكونة بالعنصر البربري، وهو العنصر القريب من العناصر الأخرى في البحر الأبيض، وأرز أيضا العلاقة الوطيدة بين الرومان والبربر في نظره.

ومن رأي فورنيل أن الإسلام قد حرر البربر فأصبحوا أسياد أنفسهم. ولذلك حكم بفشل العرب في الاحتلال لأنه نظر إليهم كما نظر إلى كل الدول الغازية. أما أرنست ميرسييه فقد قال إن الفتح العربي كان عملا عسكريا فقط (؟) وأنه لم يعمر طويلا، وأنه ترك البربر أحرارا في حكم أنفسهم. لكنه قال إن الغارة الهلالية كانت ظاهرة اجتماعية نتج عنها تعريب المنطقة والقضاء في نظره، على الجنسية البربرية. وقد ظهر كتاب ميرسييه وكتاب فورنيل سنة ١٨٧٥. أما بيروني Peyronnet فيرى أن التعريب لم يقض على الجنسية البربرية (١). ومنذ حوالي ١٨٩٨ تقريبا انحصر التمييز الذي كان بين كل البربر


= نشره فصولا في المجلة الإفريقية، آخره سنة ١٨٨٩، ص ٩٧ - ١٢١. تولى رين أيضا رئاسة الجمعية التاريخية، وقد توفى سنة ١٩٠٥.
(١) ريمون بيروني (مدخل عام للدراسات الشمال إفريقية)، في المجلة الجغرافية للجزائر =

<<  <  ج: ص:  >  >>