للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأثناء ثورة الزعاطشة (١٨٤٩) لبست النساء لباس الأعراس والأعياد، وتخلين عن لباس الحزن والحداد، وعبرن عن فرحتهن بمن سقطوا مجاهدين من عائلاتهن. وقد دام ذلك خلال فترة الحصار الضيق الذي نصبه الفرنسيون على الواحة (١). فالمرأة كانت حاضرة في المقاومة بأفعالها ورموزها.

إن هناك نساء كثيرات في حياة الجزائر وزعمائها خلال الاحتلال. فمن أولاد سيدي الشيخ، ومن زواوة، ومن الأوراس ومن معسكر والشلف، ثم من الصحراء. لقد كانت المرأة حاضرة في المدن والأرياف. ولم تكن تنتظر النجدة من الأخوات البيض حاملات الصليب، ولا أفكار سان سيمون، لتحريرها وإنقاذها. لقد نفتها فرنسا وحدها أو مع الرجال إلى كايان وكاليدونيا، وعانت في المحتشدات التي أقامها بوجو وسانطارنو وبيليسييه. وغنت للحرية التي كانت تحوم فوق رأسها، وبكت زوجها وأبناءها يوم وصلها خبر استشهادهم في المعارك. فهذه فاطمة نسومر التي قاومت حتى ألقي عليها القبض وتوفيت في سجنها بمرض السل، وهذه زوج بوشوشة التي حال الفرنسيون بينها وبينه عندما هربوها إلى أهلها في البيض ثم قتلوه هو رميا بالرصاص في سجن قسنطينة. وهذه عيشوش التي كانت تدبر شؤون الحكم في تقرت، وتلك زينب التي كانت تدير زاوية الهامل أثناء حياة أبيها وبعده.

وحين توفي الخليفة حمزة، زعيم أولاد سيدي الشيخ، عند الفرنسيين، اتهم هؤلاء إحدى زوجاته بتسميمه لأنها لم تغفر له استسلامه المطلق للفرنسيين. كما اتهموا الطليعة بنت رابح بوضع السم لزوجها القايد جلول بن حمزة لإخلاصه لفرنسا، أما رقية بنت الحرمة فقد قيل عنها إنها


= ص ٣١٥ - ٣١٦. وفي المرجع الأخير وصف لنساء وأطفال الأمير في سجن (بو) بفرنسا، وعن نساء الأمير انظر فصل في المشارق والمغارب.
(١) كلنسى - سميث (ثائر وقديس)، ١٩٩٤، ص ٣٤٥، هامش ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>