للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي وصفته بـ (المثقف). وقالت إن بالوادي عندئذ بناءات رئيسية فرنسية هي: المكتب العربي، والثكنة، والبريد، والمدرسة، والديوانة. وأخبرت أن أهل الوادي كلهم من العرب، وأن عليهم قائدين واحد على الأعشاش وواحد على المصاعبة. أما البنايات الإسلامية فهي المحكمة ومساجد العزازلة، وأولاد خليفة، والمصاعبة الغرابة، وسيدي سالم، وأولاد أحمد، وزاوية سيدي عبد القادر. وأن للوادي سوقا كبيرة مغطاة يأتيها بالإضافة إلى أهل المنطقة قبائل الشعانبة، والطوارق، بل حتى من السودان (١). أما الضابط كوفي فقد ترك إيزابيل تغامر ما شاءت لها المغامرة، وكان فقط يتتبع أخبارها من جواسيسه، ولم ير فيما جاءت به شيئا يشكل خطرا على الوجود الفرنسي. ولكن حين جاءته التعليمات بإخراجها من سوف مع عشيقها والتفريق بينهما، لم يسعه إلا السمع والطاعة. وانتقل العاشق الذي كان من فرسان الصبايحية، إلى باتنة، وانتقلت هي إلى تنس وغيرها. وبعد مغامرات أخرى في فرنسا ثم الجزائر، وزيارات لبوسعادة، والعين الصفراء، كانت نهايتها هي الغرق المفاجئ في مياه الوادي الذي يمر بالعين الصفراء في صيف سنة ١٩٠٤.

كتبت إيزابيل كثيرا من الرسائل والمقالات. وصادقت فيكتور باروكان مدير جريدة (الأخبار) الفرنسية الذي نشر أخبارها وأعجب بها. وذكرت في كتاباتها أنها كانت تجتمع بالمتعلمين (الطلبة) والمرابطين في الجزائر، وأنها خرجت إلى الصيد مع إخوان القادرية بالوادي، وأنها كانت صديقة لزينب بنت الشيخ محمد بن بلقاسم شيخ زاوية الهامل الرحمانية. وقد نشرت كتابها عن الإسلام مسلسلا في جريدة (الأخبار). وكل أحكامها ومغامراتها وعلاقاتها ما تزال محل شك ودراسات قابلة للطعن. غير أن قلمها وأدبها لا غبار عليهما، وأثر الجزائر فيها لا يختلف فيه اثنان، سيما الأجواء الدينية والاجتماعية في الواحات، وظاهرة الاضطهاد تحت النير الفرنسي (٢).


(١) يؤكد ذلك موتيلانسكي الذي زار سوف في نفس السنة (١٩٠٣). انظر ترجمتنا لزيارته لسوف، وقد نشرت في مجلة (الثقافة)، ١٩٩٤.
(٢) انظر جريدة (الأخبار) الفرنسية أعداد ٥ فبراير، و ١١ و ١٨ و ٢٥ جوان ١٩٠٥. =

<<  <  ج: ص:  >  >>