للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر (١). ومنهم أفراد أصبحوا معلمين بعد تخرجهم من مدارس الآباء البيض أو من مدرسة النورمال. وتذكر المصادر الفرنسية منهم: ولد عودية، وجوزيف زنتار، وأوغسطين إيبازيزن. واعتبر بعض الفرنسيين وجود هؤلاء علامة على نجاح التنصير في البربر. وقد تزوج أولئك النفر من فرنسيات. ووصلوا، كما يقولون، إلى درجات عليا في السلم الإداري والمهن الحرة. وأصدر أحدهم، وهو جوزيف زنتار، مجلة سماها (المطورني)، كما أصدر الأب جيو كوبيتي نشرة سماها (الاتحاد الكاثوليكي - الأهلي)، وأعلن إيبازيزن أنه اختار لنفسه اسم أوغسطين المسيحي لأنه يجعله يرجع إلى دين أجداده! وهاجم بعضهم الإسلام كما فعل حسني لحمق (٢).

أما الفرنسيون الذين اعتنقوا الإسلام فلا نكاد نجد لهم ذكرا، رغم الدعوة إلى التسامح ووحدة الأديان والتسامي الحضاري. ويبدو أن قانون تقليد المغلوب للغالب قد انطبق حتى على الأديان في الجزائر. فالإسلام الذي اعتنقه ملايين البشر في أوروبا وآسيا وإفريقيا لم يعتنقه إلا فرنسي ونصف طيلة قرن وربع من الحكم الفرنسي للجزائر. أما الفرنسي الذي قيل إنه اعتنقه فهو إيتيان دينيه الذي سمى نفسه ناصر الدين. وقد أدى فريضة الحج في آخر حياته، وألف كتابا عن حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) بالمشاركة مع أحد الجزائريين وهو سليمان بن إبراهيم، بناء على المصادر الإسلامية وليس على مصادر المستشرقين المغرضة (٣). ولكن لوحات إيتيان دينيه الفنية عن الحياة في الصحراء، وعن المرأة بالذات، لا تدل على تقيده بالقواعد الإسلامية. ولا ندري هل تقمص دينيه شخصية شارل دي فوكو أو كان مخلصا في دينيه.


(١) انظر فصل الاستشراق.
(٢) ذكر مالك بن نبي في المذكرات نماذج من الجزائريين الذين تجندوا لخدمة المصالح الفرنسية بدخولهم المسيحية وخدمة أغراض إنسانية، وذكر منهم عمار نارون.
(٣) إذا صدقنا بعض الباحثين المتأخرين فإن دينيه قد اعتنق الإسلام مبكرا، أي في حياة الشيخ محمد بن بلقاسم الهاملي (ت. ١٨٩٧). فهو الذي خطط لختانه سرا في مستشفى مصطفى باشا بالعاصمة. انظر كلنسى - سميث (ثائر وقديس).

<<  <  ج: ص:  >  >>