للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتاريخ لمدن الشرق الجزائري، كما أسلفنا، فاستعان بالبجائي، وربما استعان بغيره في مشروعه. ويقول البجائي في رسالة إلى أحد أعيان السلطة الفرنسية سنة ١٨٩٠ إن فيرو قد قام بترجمة عمله (زمان كونه مع الجنرال بوثوت (؟) بقسنطينة)، وكان فيرو قد توفي عندئذ (١).

وقد تحدث البجائي عن نفسه فقال إنه يعرف العربية والقبائلية، وإنه عارف بالشريعة الإسلامية والعرف البربري. وإنه مدرس في علوم اللغة العربية، وإنه جمع أيضا المسائل العرفية عن زواوة، وقدمها إلى القاضي الفرنسي (سوطرة). كما علمنا منه أنه كان يجيد الخط العربي ويعرف بعض الفرنسية. وهذه المؤهلات كانت ترشحه في نظره إلى منصب معاون أهلي في المحاكم الفرنسية، ولذلك كتب (البجائي) إلى السلطات الفرنسية طالبا. منها هذا الوظيف. والذي يعنينا هنا ليس حياة البجائي الشخصية ولكن التاريخ الذي قدمه لفيرو عن بجاية. وكذلك القوانين العرفية التي قدمها إلى القاضي سوطرة (٢)، كما يهمنا استغلال المثقفين الفرنسيين للمتعلمين الجزائريين استغلالا شنيعا بحيث جعلوهم في خدمة مشاريعهم التي يقصدون من ورائها في النهاية السيطرة وتخريب المجتمع، كما فرضوا عليهم أخلاقيات معينة وهي البحث عن العمل في مقابل تنازلات وكتابات وهدايا.

٥ - ألف سعيد بوليفة كتابا بعنوان جرجرة عبر التاريخ أوائل هذا القرن. وواضح من عنوانه أنه يؤرخ لمنطقة زواوة على مختلف العصور. وقد عالج فيه مسألة الأصول والخصائص أيضا، وركز على روح الاستقلال عند أهل زواوة وعدم اختلاطهم بالآخرين، وهي النقطة التي عالجها أبو يعلى الزواوي أيضا، ثم إنه، حسب السيد سالم شاكر، قد رفض الدعوة الشائعة


(١) بلقاسم بن سديرة (كتاب الرسائل)، ص ١٢٥ - ١٢٦، يضم رسالتين للبجائي إحداهما ١٨٨٨، والأخرى ١٨٩٠.
(٢) سوطرة، كان مبرزا في القانون الفرنسي والشريعة الإسلامية، وكان ضد القضاة المسلمين، وقد ساهم في الحملة المضادة للشريعة والقضاء الإسلامي. وكان رئيسا لمحكمة الاستئناف بالعاصمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>