للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كهذا كان له وقع على الفرنسيين أكثر من عدة عرائض ووفود ومقالات صحفية في آخر القرن الماضي وبداية هذا القرن. ولا ندري الآن ما تأثير هذا المنشور الخطير على الرأي العام الإسلامي عندئذ، سيما الشبان الذين كان عليهم أن يؤدوا الخدمة في الجيش الفرنسي، وفي أحداث بني شقران والأوراس، بل وفي ثورة عين التركي سنة ١٩٠١.

٩ - ومن أبرز الكتب التي تناولت تاريخ وهران والناحية الغربية عموما كتاب (طلوع - أو طلعة - سعد السعود في شأن وهران وجيشها الأسود). واشتهرت نسبة هذا الكتاب إلى إسماعيل بن عودة المزاري. وهو كتاب ضخم ضم تواريخ قديمة وحديثة، ودولا كثيرة، وتوسع فشمل فترة الاحتلال الفرنسي، ثم حياة قبيلتي الدوائر والزمالة، أو المخزن، وكان المؤلف من الدوائر. وربما لم تحظ أي منطقة في الجزائر بعمل تاريخي كبير بهذا الحجم.

وقبل أن نتحدث عن المؤلف وعن فصول الكتاب وظروف التأليف، نذكر بعض المعلومات عن المخزن كما كان شائعا في القرن الماضي. فالعبارة في الحقيقة تعني السلطة الرسمية، أو من يمثلها، وبعد اختفاء النظام العثماني في الجزائر بقي المخزن متمثلا في القبائل التي كانت تتعامل مع ذلك النظام بالخدمة والطاعة، وكانت تكسب منه الجاه والنفوذ والمال. وقد تعامل بعضهم مع الأمير، وعارضه آخرون لأسباب عديدة، منها أنه قدم عليهم أهل الدين والمرابطين وسوى بين الناس في الضرائب والخدمة، فما كان من بعض أهل المخزن إلا أن عرضوا خدماتهم على الفرنسيين على أن يتمتعوا بما كانوا يتمتعون به من امتيازات في العهد العثماني. فوافقهم الفرنسيون على ذلك مؤقتا لأنهم كانوا في أشد الحاجة إلى من يخدمهم من أهل البلاد ليضربوا الصفوف ببعضها (فرق تسد)، ثم داروا عليهم بعد أن انتهت الحاجة منهم. ومن أوائل من عرض خدماته على الفرنسيين من المخزن قبيلتا الدوائر والزمالة (اتفاق الكرمة ١٨٣٥). وكان على رأسهم عندئذ مصطفى بن إسماعيل، عم مؤلف الكتاب، وابن عودة المزاري، والد مؤلف الكتاب. وبالإضافة إلى ذلك هناك قبيلة البرجية الكبيرة، والتي كان يقودها محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>