للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن هذه صورة مثلى للاحتلال الفرنسي ونتائجه، وكان بيريز قد جعل رأي المشرفي حجة على رأي (الأهالي) في هذا الاحتلال. وهذا بدون شك مبالغة من الجانبين، جانب المشرفي الذي لم يكن يعرف ما كان عليه الجزائريون من مظالم حين زار البلاد سنة ١٨٧٧، وهو العهد الأكثر ظلما وظلاما في تاريخ الاحتلال، ومن جانب بيرير الذي اعتبر رأي (سائح) جزائري جاء من مهجره حجة على الرخاء والعدل اللذين يسودان الجزائر في ظل الاحتلال الفرنسي: فهل نقول إن الفرنسيين قد هيأوا للمشرفي الظروف الملائمة وأقروا فيه بوسائلهم ورجالهم ليكتب ما كتب عنهم وليؤثروا من خلاله على الوضع في المغرب سيما وقد كان المشرفي مقربا من البلاط ومن الحاشية؟ أو نقول إن المشرفي نفسه كان متأثرا بأوضاع المغرب (المتخلفة) وعندما رأى ما في الجزائر أخذ الجانب البراق وكتب عنه ليتعظ به أهل المغرب من الأعيان والمخزن؟ إن كلا الاحتمالين ممكن، ولكن الأكيد هو أن الصورة التي نقلها المشرفي عندئذ كانت غير صادقة عن الاحتلال. والذي نريد أن نؤكد عليه أيضا أن المشرفي قد انتهى من تأليف الذخيرة سنة ١٨٨٢ (١٢٩٩) أي في بداية حكم لويس تيرمان وغداة ثورة بوعمامة وعرابي والمهدي واحتلال تونس ومصر، والشروع في العمل بقانون الأهالي (الأندجينا) البغيض.

وهناك نواح أخرى تهمنا من الذخيرة، وهي أن المشرفي ترجم فيها لعدد من علماء الجزائر والمغرب، على عادة المؤلفين العرب والمسلمين عندما يتناولون موضوعات تاريخية. ويقول محمد المنوني إن الحاج محمد بن محمد بن مصطفى المشرفي (من العائلة؟) هو الذي اقترح على أبي حامد المشرفي تأليف كتاب على هذا النحو. وقد اطلعنا نحن على الجزء الثاني من الذخيرة مصورة على شريط صعب القراءة في المكتبة الوطنية الجزائرية، وأخذنا منه معلومات عن علماء القرن التاسع عشر وضاعت منا في الظروف التي وصفناها في غير هذا، ومما بقي في أوراقنا منها وصف المشرفي لمساجد تلمسان ومدرستها الفرنسية سنة ١٨٧٧، فقد قال إن

<<  <  ج: ص:  >  >>