للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكر منذئذ في وضع كتاب في التاريخ للجزائر كلها؟.

قبل أن نجيب على هذا التساؤل نذكر أن الدراسات الفرنسية لتطور الحياة في ميلة خلال العشرينات أظهرت أن إرهاصات ظهور شخص كالميلي بدأت منذ ١٩١٩. فقد كان تأثير عائلتين دينيتين كبيرا في ميلة. أولاهما عائلة الزواوي التابعة للطريقة الحنصالية (الرحمانية - خطأ كما جاء في النص). وكان مركزها هو روفاش، فكانت تتلقى الزيارات وتحظى برضى السلطات الفرنسية، ثم أخذت تتدهور، وكان على رأسها خلال العشرينات أخوان أصبحا يملكان السيارات ولهما ممتلكات عقارية كبيرة. وكان أحدهما متوليا لوظيفة قايد. أما العائلة الثانية ذات النفوذ فهي عائلة ابن الشيخ الحسين التي هرب الشيخ الميلي إلى زاويتها حوالي ١٩١٢. وكانت الزاوية في سيدي خليفة، وكان أعضاؤها لا يتحدثون الفرنسية، والعائلة غنية وتملك السيارات والأراضي التي تحرثها بوسائل عصرية. إن هذا الوضع الاجتماعي جعل المدينة مستعدة لتقبل صوت جديد يدعو إلى الاصلاح ولا سيما بعد موت ابن معنصر، سنة ١٩٢٨.

ولكن الميلي لم يأت إلى ميلة مصلحا إلا بعد أن عاش في الأغواط حوالي سبع سنوات وطبع الجزء الأول من كتابه (تاريخ الجزائر) وشارك في تأسيس جمعية العلماء وأصبح من هيئتها الإدارية وذاع اسمه في الجزائر. ويذهب من كتب عنه من الفرنسيين أن التفكير في كتابة تاريخه بدأ وهو مدرس في الأغواط (١). وكلام الميلي نفسه في مقدمة الكتاب يوحي بذلك. ولكن الجزء الأول الذي ظهر سنة ١٩٢٩ والذي يحتوي على مشروع كتاب شامل لمختلف العصور، لا بد أن يكون التفكير فيه قد بدأ قبل ذلك. وربما


(١) افريقية الفرنسية، انظر ملحقها AFS، سنة ١٩٣٨، ص ٣٢. وقد قالت إن الدراسة عن ميلة قام بها السيد نويل NOEL الذي كان مدرسا في ثانوية قسنطينة، وقد ذكرت المجلة أن الزواوي بميلة كان رحمانيا. والمعروف أنه حنصالي، انظر دراسة ج. نويل (التطور الديني في ميلة) في (المعلومات الكولونيالية) رقم ٣ (مارس ١٩٣٨) ص ٣٢ - ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>