للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعدون ذلك فضيلة وجهادا، وكذلك كان شأن سعيد قدورة. فقد بدأ تغربه وجهاده في طلب العلم بالسفر إلى زاوية الشيخ (العارف بالله) محمد وأخيه أبي علي بن آبهلول الواقعة قرب تنس، ولا ندري لماذا اختار قدورة هذه الزاوية بالذات. فهل كانت شهرة آبهلول في العلم كبيرة عندئذ؟ أو هل كانت حجة شيخه المطماطي مع الشيخ آبهلول سنة ٩٩٣ لها علاقة بسفر قدورة إلى الزاوية المذكورة سنة ١٠٠٤ أو ١٠٠٥؟ والغالب أنهما الأمران معا. فقدورة يؤكد أن ابني آبهلول (محمدا وأبا علي) (كانا شديدي الاعتناء بالعلم وفنونه كالتفسير والحديث والأصول والمنطق والبيان بعد الفقه والتوحيد وغيرهما). وكان الشيخ محمد بن علي مشهورا في التفسير خصوصا. وقد انتهى فيه قبل وفاته إلى سورة الإسراء (١).

ولم تكن الظروف قد واتت سعيد قدورة في زاوية آبهلول كل المواتاة. فبعد حوالي ثلاث سنوات من التتلمذ هناك، قتل شيخه محمد آبهلول قتلة شنيعة سنة ١٠٠٨ حين طعنه بعضهم بخنجر طعنة ظل بعدها حيا بعض الساعات فقط ثم لفظ أنفاسه الأخيرة. وقد تأثر قدورة بما حدث لشيخه فرثاه واعتبره (شهيدا) وصلى عليه مع أخ الفقيد. وتعتبر مرثيته فيه من الشعر المتوسط في ذلك الوقت (٢)، وقد جرى الحادث أمامه وهو ما يزال يافعا،


(١) ذكرنا زاوية آبهلول في عدة مناسبات من قبل، وسنشير إلى تفسير آبهلول في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
(٢) نص القصيدة في كتاب أبي حامد المشرفي (ياقوتة النسب الوهاجة)، مخطوط، ١٤٩ - ١٥٦، ويذكر فيها قدورة أن قاتل الشيخ من بني نائل وأن سبب القتل كان يود إلى فتوى الشيخ بعدم جواز تزوج المحرض على القتل من سيدة والظاهر أن بني نائل الذين ذكرهم ليسوا هم أولاد نائل المعروفين في جنوب الجزائر. والأولون هم قوم يحيى الشاوي الملياني النائلي الذي سيأتي الحديث عنه في الجزء الثاني وسنعرض للقصيدة في فصل الشعر من الجزء الثاني. وقد ذكر الحفناوي (تعريف الخلف) ٢/ ٤٣٢ أن محمد بن علي آبهلول قد توفي سنة ١٠٠٢، وهو في نظرنا خطأ وكان محمد آبهلول من العلماء الشعراء والمتصوفة. انظر بعض أخباره أيضا في: ابن سليمان، (كعبة الطائفين) ٢/ ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>