للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في الوثيقة. فمن كان نصيره يا ترى؟ هذه أسئلة ما تزال في حاجة إلى جواب ونحن لا نملكه الآن.

أما الحادثة الثانية التي وقعت لقدورة فهي إهانته من زميله الشيخ محمد القوجيلي (ابن القوجيلي) ويبدو أن القوجيلي كان منافسا له أشد المنافسة. فقد كان عالما مثله وشاعرا قويا معتدا بنفسه. متصلا بأهل السياسة حتى أننا وجدناه سنة ١٠٦٥ يقصد اسطانبول في مهمة سياسية ويقابل مفتيها. وقد تولى أيضا القضاء. والذي يهمنا الآن ليس هذا وإنما ما أورده المفتي الشاعر ابن علي بعد قرن من أن جده كان ذات يوم مع الشيخ القوجيلي فمر بهما سعيد قدورة فانحرف عنه القوجيلي وسلم على جده لأن بين قدورة والقوجيلي منافسة (١).

ترك سعيد قدورة ولدين على الأقل هما محمد وأحمد وكلاهما تولى الإفتاء بعده كما سبق، فأما محمد فقد بقي في الفتوى أربعين سنة (١٠٦٦ - ١١٠٧). وكان والده قد بدأ في تدريبه على هذه المهمة وعلى تولي الوظائف الرسمية منذ صغره. فقد أنابه عنه في الخطابة والإمامة أثناء حياته وقدمه في الدرس والفتيا (٢). ولم يكد يوافيه الأجل حتى كان محمد هو المرشح الأول للإفتاء في الجامع الكبير. ورغم شهرته وطول مدته وقوة عارضته في علوم الدين فإن الملاحظين ظلوا يعتقدون أنه مدين بما وصل إليه من مجد وشهرة وجاه لوالده (٣). وقد وشى به خصومه أيضا إلى أحد الباشوات، كما يروي


= فهل كان نفي قدورة من الجزائر يعود إلى هذه الظروف؟
(١) (ديوان ابن علي) مخطوط.
(٢) كان سعيد قدورة قد أناب عنه أول الأمر محمد بن قرواش ولكن الناس رفضوه، كما يقول ابن المفتي، بعد أربعة أشهر فعين لهم ابنه. وكان ابن قرواش صديقا للقوجيلي منافس قدورة. ولعل هذا هو السر في عزل ابن قرواش وليس رفض الناس له كما يقول ابن المفتي.
(٣) روى ذلك محمد بن زاكور المغربي في رحلته وكان قد عرف محمد قدورة ودرس عليه واستجازه فأجازه. انظر رحلته ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>