للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الصدد نشرت أول مجموعة شعرية عشية مرور مائة سنة على الاحتلال. وكانت تضم ترجمات ومختارات لعدد من الشعراء المتمايزين سنا وجودة وفكرا. فقد كان منهم الشيخ والشاب، والمتوسط الشعر وجيده، والمصلح المستقل والموظف الرسمي، ومع ذلك جمعهم محمد الهادي السنوسي، صاحب (شعراء الجزائر في العصر الحاضر) في كتاب واحد بجزئين مع صورهم أحيانا (١). وقد تلا ذلك نشر ديوان الشيخ أبي اليقظان أيضا. وكان أبو اليقظان صحفيا بارعا وشاعرا اجتماعيا مطبوعا. ويمكن اعتبار ديوانه ثالث ديوان يطبع بعد ديواني الأمير وعاشور الخنقي.

أما أنماط الشعر خلال هذه الفترة فقد تنوعت. فأنت تجد الشعر الذاتي عند عدد من الشعراء، منهم رمضان حمود ومبارك جلواح والطاهر البوشوشي وعبد الكريم العقون. وتجد الشعر السياسي الصريح أو المغلف عند البعض مثل ابن باديس ومفدي زكريا، والربيع بوشامة ومحمد العيد، والشعر الاجتماعي عند هذا وعند أحمد سحنون وأبي اليقظان والصادق خبشاش والهادي السنوسي. ومن شعراء الدين والتصوف أحمد المصطفى بن عليوة. وكان بعض الشعراء يجمعون بين عدة أغراض مثل محمد العيد.

وتجدر الإشارة إلى أن شعر التمثيل قد ظهر أيضا خلال هذه الفترة. ذلك أن الحركة الأدبية قد نمت وارتبطت بالتراث العربي والثقافة الإسلامية، وأصبحت تستمد أمثلتها من الشعراء القدماء والمحدثين وتقلد ما ظهر في المغرب والمشرق مما يسمى بالشعر التمثيلي. فكان الشعراء يكتبون لتلاميذهم روايات شعرية قصيرة يمثلونها في المناسبات الدينية والاجتماعية، كالمولد النبوي والأعياد، ومن ذلك مسرحية (بلال) لمحمد العيد.

ومن الممكن أن نلحق بذلك الأناشيد المدرسية التي كان ينظمها الشعراء بروح دينية إصلاحية وطنية لينشدها التلاميذ في المدارس تربية لهم


(١) ظهر الجزء الأول سنة ١٩٢٦، والثاني سنة ١٩٢٧. كلاهما طبع في تونس.

<<  <  ج: ص:  >  >>