للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحزت مقاما دونه كل باسل ... يرى الحرب ميدان الخلاعة والقصف

بجيش عظيم قد تفرد في الوغى ... له سطوة عزت وجلت عن الوصف (١)

وفي قصيدة عاشور الخنقي في البوازيد (وهو منهم) فخر واضح يذكرنا بقصائد الافتخار القبلي عند الشعراء العرب القدماء. اسمع إليه يقول:

فما الناس إلا كالمعادن كلها ... ونحن البوازيد اليواقيت توقد

وما الناس إلا كالليالي مواسما ... وغبرا ونحن ليلة القدر ترصد

وما سائر الأشراف إلا جواهر ... ونحن البوازيد اليتيمة تفرد

على كل أرض سيما الغرب أهلنا ... بنا تأمن الأرض البلاء وتسعد

ولو جمعتنا بقعة لتجمعت ... لنا الأرض حتى لم يكن للسوي يد

شمائلنا الحرب الكريهة في الورى ... وطعم القرى حتى إذا العام أجرد

لنا وبنا منا وفينا وإن ترد ... مفاخرنا حدث عن البحر يرعد (٢)

ثم ركد شعر الفخر لأن المقاومة كانت تمنى بالفشل، وكان الاحتلال قد تغلب على البلاد. ولكن مع ظهور النهضة ونشاط الحركة الوطنية رجع الأمل بالنصر، وأخذت الكلمة مكانها من جديد لتعلي من شأن الماضي المجيد، وتفخر بالأجداد، وبالجبال وبالوطن. ومن الممكن القول إن الأناشيد الوطنية أصبحت تعبر عن الفخر بالمعنى الجديد. ويدخل في ذلك نشيدا ابن باديس: إشهدي يا سماء، وشعب الجزائر، وأناشيد مفدي زكريا أثناء انتمائه لحزب الشعب. وتوجد بعض القطع الشعرية عند محمد العيد معبرة عن الفخر الجماعي، كقوله:

نحن الجبال بنو الجبال ... صدى الجبال بنا حدا

من سامنا بإذاية ... فعلى الجبال قد اعتدى


(١) تحفة الزائر، ١/ ١٥٦.
(٢) قدم إلي نسخة من القصيدة السيد أحمد بن السائح، يناير ١٩٩٠. وهي في ست صفحات صغيرة. انظر سابقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>