للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجيش وعاد أدراجه منتظرا الفرصة للعام التالي (١٨٣٧). وقيل إن فيرنيه قد أصبح من الكولون (مستعمر) في منطقة متيجة حيث سكن مدينة بوفاريك، وأصبح يرسم معارك لم يحضرها أبدا، وإنما يرسمها من الخيال والحكايات، وربما من وصف الجرائد. وكان بيته هو (حوش ابن قبة) الذي أصبح مرسمه بعد أن طرد صاحبه منه. وكان فيرنيه يرتاد خمارة (كابريه) في بوفاريك ويدفع ثمن ما يشربه برسم اللوحات (١). وقد زار فيرنيه الجزائر أكثر من مرة. ومن لوحاته الشهيرة المناظر العسكرية، وتوجد منها بالخصوص نماذج في قصر فرساي. وكان يظهر فيها غلبة الجندي الفرنسي على المقاوم الجزائري. ومناظره كانت تمثل المدرسة الرومانتيكية ونفوذ الاستشراق في الجزائر والتأثر بألوان الطبيعة وضوئها. وفيها يظهر أيضا الملمح الإسلامي - المسيحي (٢).

ومن أشهر الفنانين الذين بقوا في قسنطينة عدة أسابيع (سنة ١٨٤٦) فريدريك شاصيريو، بدعوة من الخليفة علي بن أحمد (حامد)، أحد أعيان قسنطينة. وقد رسم له لوحة رائعة حسب نقاد هذا الفن، وتجول في الجزائر بعض الوقت (٣)، وقد كان يسير على هدى مدرسة دي لاكروا، ومن لوحاته (الراقصات بالمناديل)، وله أخرى بعنوان (الخروج من الحمام) و (دخول الحريم). فموضوعاته ذات صلة بالمرأة والحياة الداخلية (المحرمة).

وشاصيريو ولد في سان دومينيك، لأحد الدبلوماسيين الفرنسيين، وقد بدأ اهتمامه بالرسم مبكرا، بينما كان في العاشرة من عمره. ونال جوائز على لوحاته الدينية، وتأثر بدي لاكروا واستعار منه. وتشمل أعماله واحدا وتسعين رسما. واستعمل فيها الألوان المختلفة وبعضها مجرد رسومات خفيفة. أما أعماله الجادة فهي المتصلة بالاستشراق، مثل الاهتمام بالأسواق


(١) بيلي، مرجع سابق.
(٢) قوانار (الجزائر)، ص ٢٨٢.
(٣) هذه الصورة موجودة نسخة منها في كتاب شارل اندري جوليان (تاريخ الجزائر المعاصرة)، باريس، ١٩٦٤، وهي تمثل الخليفة علي بن أحمد على جواده بلباسه العربي وهيبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>