للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرسان والنساء والشخصية العربية والراقصات والمعارك والوصيفات ... فهي كلها من وحي الشرق في نظره. والرسم الذي وضعه للخليفة علي بن أحمد اعتبره النقاد أول رسم أدخل شاصيريو لصالون الفن. ويمثل الرسم الخليفة على صهوة جواده وسرجه وركابه، ولحيته الكثة وملابسه الوطنية. وتظهر مدينة قسنطينة خلفه بصوامعها. والغريب أن الصورة قد رسمها شاصيريو في باريس قبل سفره إلى قسنطينة، فهي صورة من الخيال لا من الواقع، ومع ذلك فقد علق النقاد على الصورة بأنها مشابهة جدار لأصل، سيما رسم العيون التي تؤثر على نساء باريس. ولا ندري من أين لشاصيريو الوصف الواقعي الذي بنى عليه وصفه الخيالي للخليفة المذكور، وهل عدل من الصورة بعد أن رأى الخليفة عيانا؟.

وقد قيل إن أعمال شاصيريو تمثل إيديولوجية المستعمر الغالب، فهي تمثل الوطن الفرنسي، والتجارة، والاستعمار. ولها عناوين غريبة تعبر عن ذلك (مثل العرب يحملون موتاهم) بعد هزيمتهم سنة ١٨٥٦. وبقي هذا الرسم يدغدغ العواطف الاستعمارية في المعارض التي تقام من وقت لآخر مثل المعرض الاستعماري لمرسيليا سنة ١٩٠٦. كما رسم شاصيريو (الغالبون يدافعون عن أنفسهم) سنة ١٨٥٥. وقد قلنا إن أبرز موضوعاته أيضا. هي المرأة في مظهرها المضطهد، مثل الاغتصاب، والقيود، والاغتيال (١). وسيبقى موضوع المرأة هو المفضل لعدد آخر من الفنانين حتى عند ناصرالدين ديني، ولكن برؤية مختلفة.

ولد يوجين فرومنتان في لا روشيل، وهو ابن لطبيب في الأمراض العقلية. درس القانون دون رغبة منه، ثم اختار دراسة الفن. وزيارته للجزائر كانت هروبا من سيطرة والده عليه. كان منذ الطفولة مولعا بالرسم والنثر. سافر إلى الجزائر سنة ١٨٤٦ مرافقا لصديق فنان اسمه شارل لابي، وكان هذا رساما، ومستشرقا، وكان لابى ذاهبا لزيارة أخت له متزوجة فى البليدة.


(١) ميشالاك، مرجع سابق، ص ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>