للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنه حامل وسام العلم، وأنه قد فتح (مصنعه) منذ ١٨٦٨. ولا شك أن هناك غيره أيضا، قبله وبعده (١).

يوسف ابن الحفاف: ومن أبرز النقاشين الجزائريين أوائل هذا القرن يوسف ابن الحفاف. فهو، كما قالت بوجيجا من النوادر في فن الموزاييك، رغم أن هذا الفن تدنت قيمته لانقطاع رجاله، كما ذكرنا. وكان ابن الحفاف هذا، وهو يرجع إلى أسرة عريقة في الدين والأدب، من مدينة الجزائر (٢)، يمارس النقش على الخشب والنحاس بجودة واتقان، وهو يلون ويضيء مربعات الزليج بأشكاله، ويقوم بزخرفة التحف كذلك. وكانت موهبته قد لفتت إليه الأنظار في الجزائر وخارجها. فهو مبدع في تناسق وتناغم الظلال الفنية، وكان يزاوج بين اللون البنفسجي والأزرق والأحمر ... ويستعمل التذهيب أيضا، وكان يحتفظ، حسب بوجيجا، بسر مهنته لنفسه. وقد استحق التقدير والجزاء على فنه.

وقد وصفته بوجيجا بأنه كان يرسم وينقش مباشرة بإزميله بدون رسم مسبق، وعندما كان ينتهي من الرسم يضع الفخار كله في الماء فلا يحول ولا يفسخ. وقالت إنها جلست إلى جانبه طويلا وتأملت في عمله، فوجدته صانعا لعمل فني أصيل، فقد كان فنانا يثير الإعجاب. ولذلك دعت قومها إلى ضرورة الاهتمام به. وقد شارك يوسف ابن الحفاف في معرض مرسيليا (١٩٠٣؟) ونال فيه حظا كبيرا، وكانت موهبته الفنية محل إعجاب. وخصص له جناح في المعرض المذكور بتوصية من بوجيجا وزوجها، لأن الموهبة وحدها لا تكفي للفنان الجزائري إذ لا بد من تقديم المستعمرين له. وفي هذا الجناح رسم يوسف تلقائيا وارتجالا أمام آلاف الزوار فجلبت طريقته في


(١) الإعلان مصور في صفحة من المجلة الجزائرية SGAAN، ١٩٠٢، عدد ٧. وكان عنوان (ليون) هذا ١٥ شارع طنجة بالجزائر. والمقصود (بالرؤساء المسلمين) القضاة والحكام الذين وظفتهم فرنسا وكانوا في حاجة إلى أختام رسمية.
(٢) انظر فصل السلك الديني والقضائي عن حياة المفتي علي بن الحفاف المتوفى سنة ١٣٠٧ (١٨٨٩)، ولا ندري صلة يوسف به.

<<  <  ج: ص:  >  >>