للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشبه قطعة افتتاح الأوبرا عند الأوروبيين. ويذهب المدني إلى أن الكثير من نوبات التوشية قد ضاع، ولكن في منها ستة، وهي: الرمل، ورمل الماية والغريب والزيدان والصيكة والماية.

ويأتي بعد التوشية المصدر، وشبهه المدني بقطعة الأوبرا الأوروبية. وليس من الضروري أن يقع مصدر واحد بعد التوشية. فقد يأتي مصدران. وبعد المصدر يأتي نوع يسمى البطايحي، ثم الدرج، ثم ما يسمونه الاستخبار، وهو إنشاد بيتين من الشعر الأندلسي. وبعد الاستخبار يقع الانصراف. وتختم النوبة بعد ذلك بالخلاص، وهو نغمة راقصة.

هذا هو التقليد الذي سارت عليه النوبات الموسيقية. ولكن دخلها أيضا بعض التأثير من الخارج، من ذلك افتتاحات أعجمية (فارسية - تركية؟) استعملت مكان التوشيات التقليدية، وأطلقوا عليها أسماء جديدة، وهي الباشراف، والتشامبار، وباشراف انقلابات (١).

وفي مجال التأثر ذكر المدني أن موسيقى تلمسان وقسنطينة قد تأثرت بالموسيقى التونسية والشرقية، بينما ظلت موسيقى العاصمة محافظة، ولكنها أدخلت بعض الآلات الموسيقية الجديدة، مثل الربابة (السنيترة) بدل القيثارة، وقد ترتب على ذلك تغير في مخارج النغمات. كما أن موسيقى العاصمة لجأت إلى الاعتماد على الآلة وإهمالها للصوت والأداء، بحجة أن العبرة في الموسيقى بالآلة فقط. ولذلك نجد الموسيقى عذبة والصناعة متقنة، ولكن الأصوات أحيانا منكرة. ويبدو أن المدني قد لاحظ التأثير الأجنبي (الفرنسي) على موسيقى العاصمة، فقال إنها صفحة جميلة من الموسيقى العربية والفن الأندلسي ولكنها (ستضمحل مع الحضارة الغربية). ولا ندري ما يقول أهل هذا الفن اليوم وقد مر على ملاحظة المدني المتشائمة أكثر من نصف قرن (٢). وكان بعض الفرنسيين قد توقعوا ذلك أيضا.


(١) المدني، مرجع سابق، ص ٣٤٠.
(٢) المدني، مرجع سابق، ص ٣٤١. ومن الكتب التي أوفت الموضوع حقه ودرست =

<<  <  ج: ص:  >  >>