للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الشخصيات القيادية التي دار النقاش حول موقفها من التعليم والمثقفين العقيد عميروش، يذكر البعض أن عميروش كان ضد المثقفين، مثل أغلب زملائه القادة الميدانيين، بينما يصنفه آخرون أنه كان يقف إلى الجانب الداعم لنشر التعليم واحترام المثقفين، ويستشهد هؤلاء بكون عميروش كان قبل الثورة يجمع بين العضوية في حركة الانتصار وجمعية العلماء ويرى، مثل العديد من أعضاء التنظيمين، أنهما يكملان بعضهما البعض، فالعمل السياسي والعمل الثقافي لا غنى للجزائر المستقلة عنهما - فكان عميروش وهو في باريس قبل الثورة يناضل من أجل تحقيق أهداف الجمعية أيضا ومسؤولا على إحدى شعبها هناك، وقد تعاون عندئذ مع الشاعر الشهيد الربيع بوشامة الذي جاء باريس ممثلا لجمعية العلماء التي كان لها حوالي عشر شعب في باريس وحدها (مع شعب في مناطق أخرى مثل مرسيليا وليون).

كان عميروش يرى - كما قيل - ضرورة المحافظة على القيم العربية الإسلامية ونشر التعليم العربي بين الناشئة، وكان الشاعر بوشامة يؤمن بنفس المبدأ، كما كان صديقا لعميروش الذي أعد للشاعر أوراق الخروج من الجزائر سنة ١٩٥٧ عندما أحس بالخطر من الإرهابيين الفرنسيين المجندين في وحدات سرية لتصفية النخبة الوطنية، وتذهب هذه الرواية إلى أن العقيد استمر في قناعته بضرورة تعليم الناشئة اللغة العربية والعلوم الإسلامية، وهو الذي أرسل بعض الأفواج من فتيان القبائل ليتعلموا في تونس أو في البلاد العربية الأخرى تحت حماية فرق مرافقة لهم من جيش التحرير، كما قيل إنه خصص مالا لاستكمال بناء مدرسة (قنزات) الحرة وتجهيزها عندما حررها (١).

ولا شك أن العقيد عميروش ليس وحده في هذا الموقف، فقد كان في قادة الثورة الأوائل من كان يجمع بين نضال حزب الشعب السياسي وغيرة


(١) ديوان الشهيد الربيع بوشامة، تقديم جمال قنان، منشورات المتحف الوطني للمجاهد، الجزائر، ١٩٩٤، ص ١٧, ٢٣, ٢٧, ٢٩ هامش ١، انظر أيضا لاحقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>