للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندما سئل عن محدودية الجمهور عند استعمال اللغة الواقعية إذ تفقد مثلا جمهور البلاد العربية، اعترف كاتب بأن ذلك حق، لأن هذه المسرحية لا يمكن فهمها إلا من الرباط إلى بني غازي، ورأى أنه إذا كان لابد من توجه المسرحية إلى جمهور أبعد من هذه الرقعة فيجب أن يكون هناك كتاب يحتوي على النص العربي الفصيح، واعترف بأن ذلك من مشاكل المسرح الجزائري منذ نشأته، (بل هي من مشاكل المسرح العربي في جميع الأقطار) أما هو شخصيا فهو يفضل استعمال لغة الأم ولغة (سوق الخضرة)، وتمنى أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه استعمال العربية الفصحى ممكنا، أما الآن فالذي يهم هو أن يكون هناك جمهور يفهم ويشارك، ولكي يتحقق ذلك لا بد من استعمال اللغة المتداولة، لأن استعمال العربية الفصحى يفقدنا جمهورا عريضا، وفي نظره أن اللغة العربية الفصحى تصلح للتراجيديات.

ثم إن مشكل المسرح لا يتمثل في اللغة وحدها ولكن في الموضوع أيضا، إن (أبناء القصبة) لا تمثل توجيها جديدا وإنما تمثل تطورا، فمنذ ظهور المسرح الجزائري رسم الطريق، وهو طريق الواقعية، ولكي يعيش المسرح الجزائري ويخاطب الجمهور يجب معالجة الموضوعات التي تهم الشعب سواء في حياته مع الاستعمار أو في حياته الإنسانية العامة، فقبل الثورة كانوا يستعملون لغة الرموز ويقومون بأدوار ملتوية للهروب من الرقابة سواء بالنسبة للمسرح أو للإذاعة، ولكن المتفرجين كانوا يفهمون المقصود ويتابعون الممثلين، ويبدو أن مواضيع الحياة الاجتماعية هي التي كان يفضلها الشعب فقلد المؤلفون، وأحيانا اقتبسوا، مسرحيات أجنبية تنسجم مع هذا الذوق، فمثلا مسرحية (البرجوازي المهذب) حولوها إلى (أغنياء السوق السوداء) مع عدد من الشخصيات المناسبة، لقد كان المسرح الجزائري دائما واقعيا بل رائدا في الواقعية ولكنه كان أحيانا رمزيا موجها إلى جمهور محدود بينما الفنانون يريدون جمهورا عريضا، وهكذا مثلت (أبناء القصبة) خطوة إلى الأمام في تطور المسرح، ذلك أن الممثلين لم يهاجموا الاستعمار وإنما أصبحوا يتحدثون عن

<<  <  ج: ص:  >  >>