للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان معاشي على اتصال بجبهة التحرير التي كلفته بعدة مهام، ومنها - كما قيل - تسجيل نشيد (قسما) لأول مرة، وقد بقيت هذه المسألة - حسب السيد حشلاف - غامضة ودفينة أرشيف الثورة، ورغم أنها كانت مهمة محفوفة بالأخطار فقد نالت حظا من الشهرة والنجاح، فقد قررت الجبهة تسجيل النشيد من نسخة وردت إليها من تونس، وكان الهدف هو توزيعها عبر الوطن، ولم يكن من السهل القيام بتسجيل من هذا النوع دون آلات متقدمة، ولذلك قرر علي معاشي القيام بالنسخ مع السرية داخل الإذاعة نفسها مع جماعة كانوا يعملون معه، وكانت الإدارة الاستعمارية تراقبه بدقة، وفي سنة ١٩٥٨ رجع معاشي إلى تيارت فاعتقلوه وأخذ الجيش الفرنسي أقواله، وعذبوه في غابة مع زميلين له، ثم شنقوهم وسط المدينة في الثامن يونيو ١٩٥٨، وهذا العمل الفظيع ينسب إلى الضابط (ماركان) وجنوده السكارى (١).

عاش ميسوم العمراوي في الجزائر وفرنسا، ومنذ ١٩٥٧ أصبح من أبرز الملحنين المحدثين، وهو من مواليد القصبة سنة ١٩٢١، وقد عرف اليتم منذ صغره، ومارس مختلف المهن، منها ماسح أحذية ليدفع ثمن دراسته، ثم أنشأ في العاصمة أول (أوركسترا) للفن الشعبي، متخصصة في الحفلات العائلية، وقام بجولات ناجحة عبر القطر، ومنها حفلات لصالح حزب الشعب وحركة الانتصار، وفي ١٩٤٧ سافر إلى فرنسا بهدف بث نشاط هذه الحركة داخل الجالية الجزائرية، وفي فرنسا لحن أغنية (القصبة) و (يا فلاح) بالتعاون مع أخيه غير الشقيق: الحاج عمر الذي كان مخرجا وممثلا في المسرح الجزائري، وغنى العمراوي أغنيته (أنا العربي) بنفس اللحن الذي غنى به اليهودي راؤول جورنو (أنا التارقي)، فنالت نجاحا كبيرا.

وتعلم العمراوي في باريس أنواعا جديدة من الآلات، وواصل نشاطه السياسي أيضا وسط المهاجرين إلى ١٩٥٨، ودخل السجن خلال هذه الفترة


(١) حشلاف، مرجع سابق، ص ٢١٣ - ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>