للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، وبعد خروجها من السجن شكلت فرقة موسيقية خاصة مع أختها ووالدتها وعدد آخر من النسوة، وأعدت لكل واحدة منهن آلة تعزف عليها، وهو عمل يثير الدهشة من فرقة لم يتعلم أعضاؤها الموسيقى في مدرسة أو معهد، وقد تحدثت (المناظر) عن فرقتها، واعتبرت فضيلة مجددة في الفن الأندلسي العصري (كذا)، وقالت إن باش تارزي قد ساعدها على شق طريقها في التمثيل وعلى نيل الشهرة في باريس، وأنها كانت معجبة بالطرب التونسي الشعبي والغناء العصري، واعتبرتها هذه المجلة، مع أحمد سري، باعثي النهضة الموسيقية الجزائرية العتيقة بين الشباب العصري (١).

من الفنانين الذين اشتهروا وكان له جمهوره الخاص وتعبير مفهوم وحكم مأثورة، عبد الرحمن العمراني المعروف بدحمان الحراشي، فقد كان والده (العمراني) مؤذنا بالجامع الكبير بالعاصمة، ففضل ابنه عبد الرحمن ألا يسى إلى اسم العائلة بذكرها مقرونة بالغناء الذي لا يرضاه كل الناس، ولد عبد الرحمن سنة ١٩٢٦ في الأبيار، ثم انتقل أهله إلى الحراش وهو صغير فأطال الإقامة في هذه الضاحية الشعبية فنسب نفسه إليها (الحراشي)، فهو من عائلة محافظة متدينة، درس في المدرسة القرآنية وكذلك في المدرسة الفرنسية، ونال الشهادة الابتدائية، ثم مارس مختلف المهن، فهو إسكافي ومستخلص (التراموي) لمدة سبع سنوات بين الحراش وباب الواد، بدأ حياته الفنية مع فرقة الحاج المنور وغيره وقام بجولات فنية بدأها ببسكرة التي يقال إن أصله منها، وعنابة سنة ١٩٤٩، ثم سافر إلى فرنسا لينشط حياة المهاجرين، وقد حقق نجاحا وأصبح مؤلفا وملحنا، وغنى أغنية أكسبته شهرة بعنوان (بلاد الخير)، يمتاز دحمان الحراشي بصوت فريد، وفنه يأتي بين الشعبي والعصري، فهو لا يشبه الآخرين في مجال الغناء، ومن الصعب تصنيفه، وركز في أغانيه على الحنين إلى الوطن وإسداء النصح وسوق الحكمة وتنبيه الغافلين.


(١) مجلة المناظر، السنة الثانية، فبراير ١٩٦١، ص ٤٠، وحشلاف، مرجع سابق، ص ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>