للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي عنابة ونواحيها ظهر الشيخ طراد وجماعة الشابية وغيرهم. وكان الشيخ محمد ساسي البوني وأبو محمد عبد الكافي من أتباع الشيخ طراد. وكان هذا قد اتخذ طريقة خاصة به كما سبق، وحارب شطر قبيلته واستحل أموال المعارضين له. وشاع عنه أنه كان يأخذ النساء المحصنات ولا يبالي بذوات العدة. وكان يفتخر بأنه (قطب الولاية) وقد أصبح محمد ساسي وهو من الذين جمعوا بين الفقه والإفتاء والتصوف، والشيخ أبو محمد عبد الكافي، وهو عندئذ خطيب وإمام جامع سدي أبي مروان، من أتباعه وكانا يعتقدان فيه العصمة. وقد انتصب محمد ساسي للتدريس في جامع الجمعة (سيدي أبي مروان) وصار عند أهل عنابة رئيس علم الظاهر والباطن. واعتقد فيه أهل البلاد بأنه وريث الشيخ طراد وخليفته. وكان يأخذ الأركاب معه لزيارة قبر شيخه، وادعى مقام الأكابر من الأولياء فذكر في شعره الكثير عبارات مثل الدنان والحان، وزعم أنه قد شرب من كأس الصفوة وجلس على بساط القرب. ومع ذلك لم يقدر أحد أن يرد قوله أو يعترض عليه، بل كان مسموع القول عند الخاصة والعامة (١).

وللشيخ محمد ساسي (يوم الختم محفل من ذكور وإناث، وإنشاد واشعار بالجامع الأعظم، ورقص وغناء). ويؤثر عنه أنه قال في كلام غنى به كنت صاحب الخضر والآن أنا سيده. وكان يذكر في قصائده أنه عرج إلى السماء وكشف له الحجاب. وقد اتخذ في داره مستحما سماه (حمام أهل الصفا)، وكان يجمع الأموال على كل طفل في البلد وكان يأخذ من أهل البادية زكوات وجبايات، كما كان يأخذ الأموال من أهل الأندلس القاطنين


= جديدة لدراسة تاريخ الشابية) في (المجلة التاريخية المغربية)، ١٣، ١٤ يناير ١٩٧٩. ٥٥ - ٨١.
(١) انظر علاقة محمد ساسي بالباشا يوسف في دراستنا (أربع رسائل بين باشوات الجزائر وعلماء عنابة)، مجلة الثقافة، ١٩٧٩. عدد ٥١ وهو جد أحمد بن ساسي البوني الذي كان مقربا أيضا لدى الولاة كما سبق. وسنعود إلى مؤلفات محمد ساسي في الجزء الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>