للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من السفن الحربية، فالمنظر يمثل أسطول الجزائر في العهد العثماني، ومن الخلف تطل صومعة أحد المساجد العتيقة، أما التوقيع فهو: محمد راسم، الجزائر.

كنا قد لخصنا حياة محمد راسم من مقال هام لمؤرخ الفن الإسلامي جورج مارسيه، ونريد هنا أن نستفيد من مقال لكاتب فرنسي آخر له دراية واسعة بالموضوع وهو لويس أوجين أنجلي L.E.Angel وعنوانه (قادة الرسم الجزائري: فن المنمنمات ومحمد راسم)، والمقال أوردته (هنا الجزائر) في القسم الفرنسي ولخصته في القسم العربي، وبناء عليه فإن محمد راسم هو الذي بعث فن المنمنمات بعد أن نسيه أهله، وكان أسلافه يتعاطون فن الزخرفة فهو وارثه عنهم، وكذلك فن الخط، فقد كان والده، (علي بن سعيد) وعمه (محمد بن سعيد) يملكان دكانا في العاصمة يقصده أعيان المدينة وأدباؤها، تلك هي بداية محمد راسم، ولكنه لم يتوقف عندها بل اتجه أيضا نحو الفنون الأوروبية، عندما كان عمره أربع عشرة سنة كان محمد يستعد لدخول المدرسة الثانوية ولكن السيد ريكار مفتش الفنون الأهلية رأى دفتره في معرض بروكسل فأعجب به وعرض عليه أن يكون مساعده في التصوير الموجه إلى المدارس الأهلية. فكان عمل محمد راسم هو نقل الزخارف إلى مراكز الطرز ونسج الزرابي.

اطلع راسم على الفن الفارسي (المنمنمات) من كتاب هنري دالماني، فأخذ يقلده، ثم برع فيه وتأثر بالخصوص بالألوان الذهبية، وتعرف عليه إيتيان دينيه في مكتب ريكار، وكان دينيه يبحث عمن يرسم له رسومات يحلي بها كتابه (حياة محمد) فوجد ضالته في محمد راسم، كما كان الناشر (بيازا) في باربس قد نشر عدة كتب عن الإسلام والمسلمين، منها الإسلام تحت الرماد، وبابا عروج، وبستان سعدي، وعمر الخيام، وسعى إلى أن يجلب إليه محمد راسم، فاتفق معه على العمل، ومن ثم غادر محمد راسم الجزائر إلى باريس، وفيها تعاقد مع (بيازا) لكي يزخرف له كتاب ألف ليلة وليلة، وقد استغرق ذلك ثماني سنوات مضنية، ولكنها جعلته يسافر إلى بلدان أخرى ليطلع على ما فيها من تراث إيراني وإسلامي وشرقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>