للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث. وتفقه الورتلاني في مختلف العلوم رغم أنه مال إلى المتصوفين ضد الفقهاء. وسئل محمد بن عبد الرحمن الأزهري مؤسس الطريقة الرحمانية عن تعلم النحو فأجاب بجواز تعلمه (١). وقد كانت المعركة بين المتصوفة والفقهاء على مستوى العالم الإسلامي كله وليست خاصة بالجزائر.

[بعض المرابطين وأهم الطرق الصوفية]

كان معظم المرابطين الجزائريين قبل العهد العثماني من أتباع الطريقة الشاذلية، كما سبقت الإشارة. وكان تأثير هذه الطريقة يأتي عن طريق طلب العلم في المغرب الأقصى وتونس أو عن طريق الحج. ذلك أن مثقفي الجزائر، كما مر بنا، كانوا كثيرا ما يقصدون طلب العلم خارج بلادهم التي كانت تفتقر إلى المعاهد العليا والجامعات. وأثناء إقامتهم في فاس أو في تونس، في القاهرة أو في الحرمين، في دمشق أو بغداد أو القدس، كانوا يأخذون العهد عن شيوخ الطرق، وهو أمر كان شائعا عندئذ ولا حرج فيه، بل كان يعتبر جزءا من ممارسة العلم، ولا شك أن المغرب الأقصى كان مركزا عاما لنمو الطرق الصوفية بعد سقوط الأندلس وتحول كثير من علماء الدين وأصحاب التصوف إلى هناك. ففي المغرب ظهرت مدارس صوفية عديدة، سنية وغير سنية، وكان بعض أصحابها يتدخلون في السياسة والحكم وبعضهم قد اتخذوا الخلوة واعتزلوا الناس. ومن جهة أخرى جاءت من تونس عدة طرق ولا سيما الشابية التي هزت الشرق الجزائري بالحروب والدروشة الصوفية (٢). كما كان المشرق الإسلامي مصدرا لتصدير المذاهب الصوفية النابعة من البلاد العربية أو الواردة من فارس والهند وإسطانبول.


(١) رسائل محمد بن عبد الرحمن الزواوي الأزهري، رقم ك ١٩٥٦، الخزانة العامة بالرباط.
(٢) عن حروب الشابية ونشاطها خلال العهد العثماني انظر كتاب (تاريخ العدواني)، وقد حققناه ونشرناه سنة ١٩٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>