للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩٥٥ على الأغلب، وهو نشيد نموذجي تمثل مبادى الشاعر فيه الثورة وعظمتها فعبر عن أهدافها بلغة قوية وحماس مزلزل مستوحى من حب الوطن وتجربة الشاعر السياسية وبغضه للاستعمار. ذلك أن مفدي زكرياء كان قد دخل ميدان السياسة ومارسها مبكرا وانتصر لحزب الشعب وزعيمه مصالي الحاج، وله صلات بالقادة السياسيين في المغرب العربي عموما، وقد دخل السجن وتعرض للقمع في سبيل هدفه الوطني، فلا غرابة أن ينفجر حماسه للثورة وأن يتميز تعبيره عنها بالصدق والتلقائية والقوة والفخامة، ومنه هذا المقطع:

نحن جند في سبيل الحق ثرنا ... وإلى استقلالنا بالحرب قمنا

لم يكن يصغى لنا لما نهضنا ... فاتخذنا رنة البارود وزنا

وعزفنا نغمة الرشاش لحنا ... وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر

فاشهدوا ...

وهو نشيد من عدة مقاطع ينتهي كل مقطع منها بعبارة: فاشهدوا ... وقد جاء في مقدمة النشيد أنه النشيد الرسمي للثورة الجزائرية وأنه من تلحين الفنان المصري محمد فوزي (١)، وبعد الاستقلال صادق الجزائريون على أن يكون (قسما) هو النشيد الرسمي للدولة.

وقد بقي ميدان الأناشيد مفتوحا في وجه الشعراء الشباب أيضا، فنظم عدد منهم أناشيد لا تقل حماسة وقوة عن الشعراء المخضرمين، وكان الموضوع دائما هو الثورة أو حدث من أحداثها أو بطل من أبطالها، وتختلف أناشيد الشعراء الشباب قوة وضعفا حسب نضج التجربة الشعرية عتد كل منهم، أما الحماس والصدق فكلهم كانوا مدفوعين برغبة صادقة في التعبير عن الثورة


(١) مفدي زكرياء، ديوان اللهب المقدس، المكتب التجاري، ط ١، بيروت، ١٩٦١، ص ٧١، أنظر عن تاريخ قسما وظروف نظمه وتلحينه كتاب أناشيد للوطن للأمين بشيشي، الجزائر، ١٩٩٨، ص ٣٤٣ - ٣٥٧، جاء في الديوان أنه نظم في سجن سركاجي في ٢٥ أبريل ١٩٥٥ في الزنزانة رقم ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>