للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدم الانضباط، والجهوية (الفتنة)، وإشاعة روح الهزيمة، والفرار من الزحف، وترك الخدمة، وإفشاء الأسرار، والتخريب المقصود للمعدات، إلخ (١).

هناك نوعان من المناشير: منشور أساسي لا يحتمل التأخير، فهو منشور عام ودائم كالذي يتعلق بالخيانة، ومنشور ظرفي كمنع التدخين سنوات ١٩٥٥، ١٩٥٦، ١٩٥٧ لأن التدخين يجلب الربح للعدو، (نفسه ص ٦٥)، ويصف أحمد توفيق المدني القضاء في عهد الثورة (وقد كان يكتب عنه سنة ١٩٥٦) بأنه يتولاه أحد الشيوخ (العلماء أو الطلبة) حسب أهمية السكان ليحكم بين الناس بما أنزل الله، وكان القاضي غالبا ممن تخرج من المدارس الحرة، والغالب هو اختفاء المنازعات لأن الناس اندمجوا في الثورة وتركوا الشجار، وإذا حدث شجار فالقاضي يحله بالإقناع والتراضي (٢).

ومن ثمة يظهر أن الجبهة أسست قضاء شرعيا وطنيا لأنه جزء من الشخصية ومقدمة للسيادة المتتظرة، لقد كان الشعب الجزائري حريصا بنفسه على العمل بالشريعة واللجوء إلى العدالة الحقة لأنه عانى من الظلم والجبروت الاستعماري، وكان القضاء شفافا ومعروفا للجميع ومحل احترام من الجميع، بما في ذلك احترام اللغة والعرض، وكان اهتمام الناس بالقضاء المدني أكثر من الجنائي لحاجتهم الماسة إلى القضاء الأول، إن القضاء في وقت الثورة كان أيضا مدرسة للتربية الوطنية ومدرسة لتربية المناضين وترقية الحياة الاجتماعية بين المواطنين، وأهمها المساواة بين الجميع أمام القانون (٣).

وقد استفدنا من تجارب المناطلين ودراسات المختصين أن القضاء في وقت الثورة كان قائما أيضا - (بالإطافة إلى تعليمات الشريعة الإسلامية وممارسات القضاة في دولة الأمير عبد القادر، ومعاملات الفرنسيين) - على


(١) نفس المرجع، ص ٧١.
(٢) أحمد توفيق المدني: هذه هي الجزائر، ص ٢٢٦.
(٣) المدني، مرجع سابق، ص ٣٧، ٥٥، أنظر أيضا مداخلة الصادق مزهود في ملتقى قسنطيتنة، مارس ٢٠٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>