للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدين (شعيب بن الحسن) دفين تلمسان وبعض أصحابه ومعاصريه. وبذلك يكون هذا الكتاب نوعا من التراجم لعدد من رجال القرون الثلاثة السابقة لحياة المؤلف. ومن الذين تحدث عنهم بالإضافة إلى أبي مدين، الذي أطال في ترجمته, يحيى بن أبي علي الزواوي البجائي ومحمد الصفار الذي كان معلما لأخوات المؤلف في قسنطينة. وقد ذكر ابن القنفذ أن بعض أصدقائه وإخوانه في الدين في قسنطينة قد طلبوا منه سنة ٧٨٧ أن يكتب لهم طرفا عن حياة أبي مدين ويسجل لهم شيئا من كلامه فاستجاب لهم وكتب عن (هذا الشيخ والتعريف (به) وما وصل إلي من خبره ومناسبته مع مناسبة جلبتها هنا قاصدا بذلك سبيل الاختصار على العادة في ذكر الأمثال وسميت هذا التقييد أنس الفقير وعز الحقير) (١).

وبذلك يتضح لنا شيئان: الأول أن الكتاب يكاد يكون حديثا عن أبي مدين وفي ذلك دلالة واضحة على اهتمام ابن القنفذ بالصلاح والولاية والتصوف. الثاني أن المؤلف قد أطلق على كتابه عبارة (تقييد) للدلالة على الاختصار. فهو لم يخطط لكتاب كبير ولكنه قصد التعريف بهؤلاء الرجال مع ذكر أخبارهم ووفياتهم، وأحيانا ولاداتهم. فالكتاب كله يقع في ٧٨ صفحة، وهو يذكر فيه أن والده كان من تلاميذ أبي مدين وأنه كان قد نشر العلم والطريقة في قسنطينة وأنه كان مؤلفا وحاجا. ومن ثمة يتضح أن ابن القنفذ كان على صلة (بالطرقية) سواء من جهة والده أو من جهة جده لأمه الشيخ الملاري. فلا غرابة إذن أن نجده يعتني بسيرة أبي مدين (الغوث).

أما (الوفيات) فقد ألفه ابن القنفذ بطريقة غريبة ذلك أن اهتمامه بعلوم الحديث ورجاله هو الذي أدى به إلى العناية بتسجيل وفيات علماء الحديث. فقد كتب شرحا لقصيدة (غرامي صحيح) سماه (شرف الطالب في أسنى المطالب) وجعله مقدمة لفهم القصيدة المذكورة ووسيلة لفهم أنواع علوم


(١) مخطوط في مجموع ك ٢٣٠٥ الخزانة العامة بالرباط. ويوجد نسخة أخرى منه. ك ٢٦٦٦ وهي مستقلة. وفي المكتبة الملكية بالمغرب نسخ كثيرة منه. انظر أيضا ابن سودة (دليل مؤرخ المغرب) ط ١/ ٢١٤. وقد نشر هذا الكتاب محمد الفاسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>