للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصلي. لذلك جاء الكتاب مليئا بالحشو والاستطرادات التي لا تمت بأية صلة إلى الموضوع. فكأن المزيلي كان يستعرض معلوماته ليبرهن على سعة اطلاعه ومعارفه في التاريخ واللغة والأدب والأخبار، وقد وقع في هذا أيضا غيره من الشراح الذين كانوا يعمدون إلى التخفيف عن القارئ، في نظرهم، من السآمة والملل. لذلك تضخم الكتاب (أي فتح الرحمن) حتى كاد يصل إلى ألف ورقة (١). ومع ذلك فإن فيه، بالإضافة إلى الموضع الأصلي، أخبارا هامة عن المجتمع مبثوثة هنا وهناك، من ذلك أنه أخبر عن حالة غريس في وقته (وقد كانت تحت السلطة العثمانية وقريبة من عاصمة الإقليم) وهي حالة لا تسر. فقد قال إن في غريس (عصابة من ذوي الضلال، شأنهم سفك الدماء وهتك الحرام وأخذ الأموال). كما شكا حاله وحال الناس هناك من الظلم والتعدي والحاجة. ومما يذكر أنه ألف الكتاب في غريس نفسها.

وقد اشتهر محمد بن أحمد الشريف الجزائري بشروحه الكثيرة على أعمال غيره وعلى بعض الأحاديث النبوية. من ذلك شرحه لقصيدة الدمياطي (شمس الدين محمد الدروطي الدمياطي) اللامية في التصوف.

وقد سمي الجزائري شرحه عليها (القول المتواطي في شرح قصيدة الدمياطي) (٢). أما الورتلاني صاحب الرحلة فقد خص بالشرح قصيدة نادرة لعبد الرحمن الأخصري في التصوف تعرف بـ (القدسية)، وهي قصيدة في آداب السلوك ونكران البدع لا يعرف أن الأخضري قد شرحها، رغم شهرته بشرح منظوماته بنفسه. وقد اطلعت على نسخة من شرح الورتلاني الذي سماه (الكواكب العرفانية والشوارق الأنسية في شرح ألفاظ القدسية) وبرر الورتلاني قيامه بهذا العمل كون بعضهم قد ألح عليه في شرح هذه القصيدة

لعدم وجود شرح عليها، وهو ينقل كثيرا عن غيره مثل القشيري وأحمد


(١) اطلعنا منه على نسخة في مكتبة زاوية طولقة، وهي غير مرقمة، وخطها جيد.
(٢) نسخة منها في المكتبة الوطنية - الجزائر، رقم ٢١٥٢. انظر أيضا تيمور ٤٦٢ مجاميع، و (هدية العارفين) ٢/ ٣١٩. وتوفي الدمياطي سنة ٩٢١/ ١٥١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>