للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السعد، وكان ابن الأمين درس في بلاده وفي المشرق وخصوصا مصر، وتتلمذ على الشيخ محمد الجوهري، ومحمد الأمير والشيخ البليدي والشيخ العدوي وأحمد دردير وغيرهم، وقد ألف رسالته الأولى وهو في مصر سنة ١١٨٦، وبعد أن عاد إلى بلاده تولى التدريس بجامع حسين ميزمورطو فترة طويلة كما تولى الفتوى على المذهب المالكي مدة طويلة أيضا دامت إلى وفاته سنة ١٢٣٦ (١).

ويظهر من رسالته (أما بعد) أنه صاحب أسلوب جدلي واضح، فقد أكثر فيها من النقود عن أئمة البلاغة والنحو والتفسير، ولم يستعمل فيها السجع وإنما جاء بعبارة دقيقة محبوكة تؤدي المعنى بالقليل من الألفاظ، وقد قسمها إلى مقدمة ومقصدين وخاتمة وتذييل، وجعل المقدمة في مقصدين كما جعل كل مقصد فصولا، فابن الأمين رغم نقوله الكثيرة يبدو في رسالته عقليا، غير أنه في حاشيته على السعد قد اتبع مقولة الغزالي (ليس في الإمكان أبدع مما كان) حتى أن تلميذه حمدان بن عثمان خوجة قد ناقشه في هذا الرأي ولكنه تهيب من تفنيد قوله لأنه شيخه (٢)، وعلى كل حال فنحن لم نطلع على حاشيته إلا من خلال نقل حمدان خوجة منها. فلعل ابن الأمين قد وفق فيها أيضا كما وفق في رسالته (أما بعد) التي اطلعنا

عليها.

ولكن يظهر من النماذج التي سقناها أن العناية بالبلاغة، كعلم قائم بذاته، ضعيفة عند الجزائريين، وأن اعتمادهم في التدريس كان على عمل الأخضري وعلى تلخيص المفتاح وغيرهما.


(١) عن حياة ابن الأمين انظر الأرشيف الفرنسي (٢٨٧) ٤١ - ٢٢٨ Mi وغيره، وكذلك فهرس الجزائري (ابن العنابي) في كتابنا (المفتي الجزائر ابن العنابي) الجزائر، ١٩٧٧، وهو تلميذه. وكذلك تحقيق رسالة ا (أما بعد).
(٢) انظر (حكمة العارف بوجه ينفع) لحمدان بن عثمان خوجة، مخطوط ٢٢، وهو المصدر الوحيد الذي ذكر لشيخه ابن الأمين تأليفا في البلاغة حشى فيه على مختصر السعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>