للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجملة واستعمال السجع الثقيل ورتابة الإضافات، ومن جهة آخرى فإن تقليده من قبل الموثقين الآخرين يدل على العجز أكثر مما يدل على الإعجاب به، فقد طغى الأسلوب الفقهي عندهم، فبدا لهم هذا العقد وكأنه شيء عجب، ولعل شمول هذا العقد لنواحي الالتزام ودقته كانت من بين الأسباب التى جعلته نموذجا عند المقلدين والذي نخلص إليه هو أن التقاريظ

والإجازات والعقود كانت ميدانا خصبا لإظهار تفوق الكتاب والقضاة وبيان مقدرتهم الأدبية بالنثر المسجع والمرسل.

[الرسائل]

احتلت الرسائل في كل عصر حيزا كبيرا من اهتمام الأدباء والموظفين والأصدقاء والأحباء، ومن العادة أن تقسم الرسائل إلى رسمية (ديوانية) وإخوانيه، وقبل الخوض في كل نوع نود أن نذكر بأن بعض الجزائريين كانوا مكثرين في كتابه الرسائل وبعضهم كانوا مقلين، وهذا بالطبع يعود إلى مزاج كل أديب ومدى علاقاته الإنسانية والاجتماعية، فعبد الكريم الفكون مثلا كانت له علاقات كثيرة ومراسلات تبعا لذلك، وكذلك كان الأمر مع أحمد المقري وسعيد قدورة وأحمد بن عمار، ومن حسن الحظ أن الوثائق تحفظ لنا نماذج من هذه الرسائل الإخوانية، ويبدو أن بعضهم كان متميزا في عصره بكتابة الرسائل الجيدة كما كان غيره متميزا بنظم الشعر الجيد.

وقد جمع محمد بن محمد القالي بين النثر والشعر، وعبر بكليهما ليصل إلى قلب محمد بكداش باشا ويشكو إليه حاله، ومدح الباشا بأنه من كبار السلاطين كما مدح في شخصه حكم الترك وأشاد بأصلهم ونوه بفضلهم على الدين والقطر الجزائري أيضا، ولعل هذا الموقف هو الذي جعل الباشا يخصص له خراجا من أوقاف سبل الخيرات (١) العثمانية بالجزائر (ليعالج به داء النكبات.) كما قال ابن ميمون، وقد جاء في رسالة القالي لبكداش: (جل


(١) عن (سبل الخيرات) انظر الفصل الثالث من الجزء الأول، وهي مؤسسة وقف حنفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>