للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكداش إلى أحمد البوني (١)، حفيد محمد ساسي المذكور، وتاريخ هذه الرسالة هو جمادي الآخرة سنة ١١١٥، ولم يكن بكدارش عندئذ قد تولى الباشوية بل كان ما يزال مسؤولا فقط على خبز العسكر، وقد بدأ رسالته بمدح وإطراء الشيخ والاعتراف له بالعلم والولاية، ثم السؤال عنه وعن أهله وعشيرته، وكان الباشا في الواقع يرد على رسالة وصلته من الشيخ ذكرته، كما قال، بأيام خوال وذكريات عطرات، وفي هذا إشارة إلى أن بكداش كان قد زار الشيخ قبل توليه الحكم، وأخبره أيضا أنه أطلع علماء مدينة الجزائر على تأليفه وتقاييده فتأثروا لذلك (٢). وتكاد هذه الرسالة تكون من الرسائل الإخوانية، رغم أنها صادرة عن جهة رسمية.

ومهما كان الأمر فإن هذه الرسائل جميعا تعتمد النثر المسجوع وتضمن النص آيات قرآنية وأحاديث نبوية وأخبارا تاريخية وأحيانا بعض الأبيات الشعرية إما من نظم الكاتب أو من محفوظاته الخاصة، كما أنها تهتم بالمحسنات البديعية بكثرة، واستعمال التلغيز والتلميح والتورية، وتسير على طول المقدمة أو الديباجة والتفنن فيها بصفة خاصة، والدعاء للمرسل إليه، ونحو ذلك من الأساليب الإنشائية التي لم تكن بدعا في حد ذاتها.

وقد عثرنا على رسالة ديوانية تعود إلى سنة ١٠٦٤ فوجدناها رسالة أدبية قوية، رغم أنها مغرقة في التكلف والصنعة، وكاتب الرسالة هو المحجوب الحضري (٣) على لسان الباشا عثمان (٤) إلى سلطان المغرب


(١) انظر عنه الفصل الأول من هذا الجزء.
(٢) توجد هذه الرسالة أيضا في المكتبة الوطنية - باريس، رقم ٦٧٢٤. انظر أيضا (الثقافة) عدد ٥١، ١٩٧٩.
(٣) لم نستطع أن نجد له أثرا آخر غير هذه الرسالة، ولم نجد من ترجم له أو تحدث عنه، ولعله كان من مدينة الجزائر مثل قريبه الذي ورد اسمه في الرسالة، وهو الحاج محمد بن علي الحضري المزغنائي، أي من مزغنة (مدينة الجزائر).
(٤) ليس في قائمة ابن حمادوش عن باشوات الجزائر اسم هذا الباشا الذي ينطق بالتركية عصمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>