للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشرنا إلى مرثية الحوضي في شيخه السنوسي. ونضيف إلى ذلك مرثية أحمد بن عبد الله الجزائري في شيخه وصديقه عبد الرحمن الثعالبي، وتعتبر هذه المرثية من أقوى قصائد الرثاء في وقتها. وقد تناقلها الرواة فتعددت نسخها وهي تبدأ هكذا:

لقد جزعت نفسي لفقد أحبتي ... وحق لها من مثل ذلك تجزع (١)

ويبدو أن الجزائري كان يكثر من قرض الشعر، فقد رويت عنه أيضا أبيات في الشكوى من الأحوال التي ألمت بمدينة الجزائر بعد أن كان العيش فيها رغدا، وهي أبيات تصور، على قلتها، بعض أحوال مدينة الجزائر في القرن التاسع:

دع الجزائر لا تحلل بساحتها ... في ذا الزمان ولا تنزل بواديها

كدنا لأجل حلول الحادثات بها ... نختار، والله، للسكنى بواديها

من بعد عيش هني عم ساكنها ... وبعد عافية حلت بناديها

وجل ما ضرها من أهلها نفر ... هم في الحقيقة أضحوا من أعاديها

مد الإله عليها ظل عافية ... مثل التي قد رأتها في مباديها (٢)

ويمكن لدارس الشعر في القرن التاسع أن يجد نماذج من جميع الموضوعات التي أشرنا إليها ولا سيما التصوف والمدائح النبوية والرثاء. ومن أجود قصائد المديح النبوي قصيدة عبد الرحمن بن علي بن عبد الله الغبريني البجائي، تلميذ عبد الرحمن الثعالبي التي تقع في أربعين بيتا، ومطلعها:

حادي الركائب والأضعان في السفر ... رفقا فلي كبد لهفى على جمر

ويا غزال النقا عز اللقاء وما ... وقفت يوما لأحبابي على خبر

وقد ذكر الشاعر نفسه الذي أورد القصيدة في آخر الجزء الثاني من


(١) رأيت منها نسخة في ك ٢٨٦٧ مجموع، الخزانة العامة، الرباط. وأخرى في مخطوط رقم ٤٩ بجامع البرواقية (الجزائر).
(٢) ١٥ مجاميع دار الكتب المصرية. ورقة ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>