للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الواضح أن ابن رأس العين متأثر بالمدرسة الأندلسية في نظم الموشحات، وأنه يعد مقدمة لابن علي في شعر المجون، كما سنرى، غير أننا نعرف أن ابن علي كان مفتيا أيضا، أما ابن رأس العين فلم يكن كذلك. فهو أحق بالمجون من صاحبه، ولكن اختلاف العصر (ابن رأس العين في القرن الحادي عشر وابن علي في الثاني عشر) يجعل المقارنة بينهما هامة في هذا الباب، وسنترجم لابن علي بعد حين.

ويدخل في شعر اللهو الاجتماعي التلغيز أو استخدام الألغاز عن طريق الشعر، تخفيفا من عبء الحياة، واختبارا للذكاء وتنشيطا للذهن، ونعرف أن سعيد قدورة قد تبادل الألغاز مع أحمد المقري في لغز (هاج الصنبر). ويحدثنا الفكون أن المقري قد عجز عن الجواب في الأول ولكنه وجد حله في المرة الثانية، وأنه قد نظم الإجابة شعرا (١).

وألف بركات بن باديس عملا في الألغاز سماه (نزع الجلباب في جمع بعض ما خفي في الظاهر عن الجواب) كما سماه في مكان آخر (بالمسائل السبعينية) لأنه جمع فيه كما قال سبعين مسألة في الألغاز نثرا وشعرا. وقال في أوله (وبعد فهذه سبعون مسألة كانت حاضرة على البال، وضعتها هنا


=...٧٠٥٩، أما الموشح أعلاه فهو من (كناش) المكتبة الوطنية - تونس، رقم ٥٢٩،
وفي هذا الكناش أخبار أخرى عنه، وقد كتب الموشح سنة ١٠٢٧، كما جاء ذكر ابن رأس العين في (ديوان ابن علي)، وسماه هناك (الكاتب البليغ) ووصفه (بالشيخ
الرئيس)، ووجدنا في بعض الوثائق أن ابن رأس العين كان نائبا عن سعيد قدورة
(توفي سنة ١٠٦٦) في الخطابة بالجامع الكبير بالعاصمة، كما وجدنا في الأرشيف. (١٧٢) ٣١ - ٢٢٨ Mi، أن ابن رأس العين كان بذمته مبالغ مالية محددة وأنه كان أمينا لأوقاف الحرمين، وذلك سنة ١١١٤، فإذا صحت التواريخ المذكورة فإنه يكون قد عاش مدة طويلة. يبقى أن نشك في أن التاريخ الأخير قد يكون لأحد أفراد العائلة (ابن رأس العين) وليس بالضرورة تاريخ الشاعر الذي نتحدث عنه. انظر أيضا (مختارات مجهولة).
(١) (منشور الهداية)، مخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>